[رحيق الحرف (الرواي هو الشعراوي)]
ـ[محمود رمضان الطهطاوي]ــــــــ[12 - 02 - 10, 04:14 م]ـ
الراوي هو الشعراوي
مواقف من حياة الشعراويعرض وتلخيص/محمود رمضان الطهطاوي
"لعل حضرات القراء يصلون أعمارهم بأعمار المجربين قبلهم .. وبذلك يثمرون حياتهم في أقصر وقت ممكن .. ولعل ما يوفرونه من استثمار تجارب الآخرين من الوقت، يمثل ما يفيض الله به عليهم .. من تجارب لسواهم ".
بهذه الكلمات يستهل الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله- روايته لمذكراته، طارحاً رؤيته وهدفه وراء حكي تجربته في الحياة .. فيتوقف بنا عند محطات معينة من حياته للنهل منها العبرة والعظة.
ومعاً نتوقف عند هذه الذكريات، لا المذكرات، فالشيخ – رحمه الله- لم يرو لنا مذكرات بالمعنى المفهوم، سارداً تاريخ حياته بالتسلل التاريخي المتعارف عليه، ولكنه يروي ذكريات متفرقة، وقطوف من سيرته، ويتوقف بنا عند محطات إنسانية نأخذ منها الدرس والعظة.
أسلوب تربوي
يذكرنا الشيخ الشعراوي بكتّاب القرية، وأسلوبه التربوي، فعندما أحضره والده أمام الشيخ أوصاه قائلاً: " هذا ابني، اكسر له " ضلع " .. وأنا أعالجه! ".
يقول الشيخ الشعراوي: " أخذت من هذا قاعدة .. لقد كان سيدنا قاسياً عليَّ دون غيري .. وكنت أجدها قسوة غير منطقية "، ولكنه بعد ذلك عرف " أن المربي حين فاضلاً يقسو على من يحب .. ".
ويضيف الشعراوي: " أذكر أ، سيدنا كان عنده "فلكة " يضعها في الفصل علناً. أي أن آلة العقاب ظاهرة، ونحن نحفظ القرآن نرقبها .. وأخذت من هذا قاعدة، وهي أن الإنسان لا يذهب إلى الشر إلا لأنه نسى العقوبة عليه .. أي أن الذي يذهب للسرقه، لو تذكر أنه سوف يقبض عليه ويسجن، لما ذهب للسرقه .. لكنه نسى تماماً هذه العقوبة .. وكذلك العمل الصالح، لايزهد فيه الإنسان إلا إذا كان لم يستحضر الجنة .. ولو استحضر الجزاء فسةف يتأمل ويستذكر دروسه ".
وهكذا يضع الشيخ نصب أعيننا أسلوب تربوي، أُثبت فاعليته على مدى أجيال عديدة، وأخرج علماء أجلاء.
صداقة الكبار
يؤكد الشيخ الشعراوي بأنه استفاد كثيراً من مصاحبة هم أكبر منه سناً، وقد كان والده يصحبه إلى مجالس الكبار فيستمع لهم، ويعايش تجاربهم.
يقول الشعراوي: " نصيحتي للشباب أن يحرصوا دائماً على الإفادة من تجارب من هم أكبر منهم سناً. من خلال صداقتهم التي يعرض بها الشباب من أعمارهم .. لأن العمر لا يملكه أحد طولاً ولا قصراً .. هذا لله وحده .. وإنما يستطيع الإنسان أن يعرضه .. وربما يكون عرضه أكبر من طوله .. وتعريض العمر يكون بتطبيق تجارب الآخرين .. وأيضاً يمكن أن يوسع عمره بأن ينشر على مدى واسع علاقاته مع الآخرين .. وهناك بعد ثالث للعمر .. بأن تعطيه عمقاً.فبعد أن كان مسطحاً يصبح له حجم .. بمعنى أن يترك العمر بعد أن ينتهي دروساً للآخرين ".
مع الربا
يحكي لنا الشيخ الشعراوي .. انه في بدء العام الدراسي الجديد وكالعادة .. طلب من والده " قفطانين وكاكولتين وحذاءين وعماميتين وشنطة " فاستجاب الوالد رغم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلد بصفة عامة، وأمام إصرار الشعراوي استجاب الوالد واشترى للأبن ما يريد، وأعطاه عشرة جنيهات.
وفي هذا العام مرض الشعراوي لمدة ستة أشهر ولم يستطع دخول الامتحان ..
فقال لوالده: لابد أن أدخل الدور الثاني .. وفوجئ به يقول له: لا تزعل .. أنا عارف أنها مش نافعة .. وعرف بعدها .. ان والده أخذ النقود التي اشترى بها لوازم الدراسة بالربا.
مواقف الوطنية
لقد شاهد الشعراوي مع أترابه أحداث 1919م (في مصر) وشاهد الناس من مختلف الطبقات والطوائف .. يعملون معاً دفاعاً عن الوطن، وقد أثر ذلك في الشعراوي الطفل، فنشأ يحمل قضايا الوطن، وقد كانت قريته قريبة من قرية الزعيم "سعد زغلول" وكثيراً ما حضر الشعراوي مجلس سعد زغلول .. وشارك في ثورة الأزهر عام 1934م، وسجن لمدة شهر وفُصل من وظيفته وعاد مرة أخرى بعد أن أُحرقت كل القضايا في ميدان لاظوغلي بالقاهرة.
فن الدعابة
¥