تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولزيادة الإيضاح – وأعتذر عن الإطالة، فأنت لا تحب تحويل الموضوع إلى درس في قواعد الرسم والإملاء حتى لو كانت متعلقة بخطأ في الخط الذي ستصدره – يحسن بنا هنا ذكر النقطة نفسها من كتاب عبد السلام هارون، عضو مجمع اللغة العربية، والأستاذ بكلية دار العلوم، والمحقق الأشهر، قال – رحمه الله تعالى – في كتابه (قواعد الإملاء، ص 75):

امْرُؤٌ. لؤلُؤٌ. تهيُّؤٌ. جؤجُؤٌ (بمعنى الصدر).

امرِئٍ. مبرِئٌ. متهيِّئٌ. مبرِئٍ. متهيِّئٍ.

يهيِّئُ. يبرِئُ. يُنشِئُ. يُقرِئُ.

مهيّأ. مبرّأ [اسما مفعول]، يُهَيّأُ. يُبَرّأُ [فعلان مبنيان للمجهول]. يَنشَأُ. يَقرَأُ.

(إذا تحرّك ما قبلها – وليس واوا مشددة مضمومة – كُتِبَتْ على حرفٍ من جنس حركة ما قبلَها).

وكما ترون يا أخي الحبيب، في السطر الأخير للأمثلة، ذكر عبد السلام هارون الحالة التي تنكرها، وهي الهمزة الطرفية المفتوح ما قبلها، فمَثّل للقاعدة ببعض الأفعال، مثل: يُهَيّأُ. يُبَرّأُ. يَنشَأُ. يَقرَأُ. كما مثل للقاعدة ببعض الأسماء، مثل: مهيّأ. مبرّأ.

ونص على أن الهمزة الطرفية المفتوح ما قبلها تُكتَبُ على ألِف.

فهذه القاعدة يا أخي الحبيب، لا وجود فيها للفرض (الخيالي) الذي تذكره ثم تقول لي: إنك لم ترد على شبهتي أو على سؤالي!

لا وجود في قواعد الخط الإملائي لكلمة (ملإ) وأشباهها، لأن القاعدة أن الهمزة الطرفية تُكتَب (على حرفٍ من جنس حركة ما قبلَها).

• فإن كانت الحركة التي قبلها ضمة، كُتِبَت الهمزة الطرفية على واو، مثل: (امْرُؤٌ).

• وإن كانت الحركة التي قبلها كسرة، كُتِبَت الهمزة الطرفية على ياء، مثل: (امرِئ).

• وإن كانت كانت الحركة التي قبلها فتحة، كُتِبَت الهمزة الطرفية على ألف، مثل: (نبَأ)، و (سبَأ)، و (ملَأ)، و (الملَأ).

أما (الملإ) التي تسأل عنها فهي لا توجد، لأنها خطأ لغوي، أنت تسأل عن شيء مستحيل وجوده ... خطأ ... لا وجود له ... افترضت أنه موجود ثم سألت عنه وكأن له وجودا حقيقا، بينما وجوده خيالي، في ذهنك فقط، بسبب التعود على خط الكمبيوتر، وخط الكمبيوتر خطأ، وأنت تريد أن تصدره بخطئه، وتلومني لأني أريد تخليصه من هذا الخطأ!!

ومحال أن توجد كلمة (الملإ)، لأن الهمزة إما أن تكتب (فوق) الألف، أو (فوق) الواو، أو (فوق) الياء، أو على السطر، ولا توجد صورة الهمزة (تحت الألف) في آخر الكلمة، محال أن توجد طبقا لقواعد اللغة.

وفرضك أنها موجودة ثم سؤالك عنها مثل أن يفرض شخص أن لله ولدا – سبحانه وتعالى عن هذا – ثم يسأل عن هذا الولد! والسؤال مرفوض ابتداء لأنه (من المحال) أن يكون لله ولد، ونحن لا نفرض المستحيلات ثم نسأل عنها.

وكذلك سؤالك عن الهمزة الطرفية تحت الألف (ـلإ) سؤال مرفوض، لأنه من المحال أن توجد هذه الصورة، ونحن لا نفرض المحال ثم نسأل عنه.

ولا تظن يا أخي الحبيب أن في هذه المسألة خلافا، وأنّ لك أنْ تأخذ بأي رأي شئت، من قال لك هذا فقد كذب عليك، فهناك إجماع على ما أقول، ولا أقصد بالإجماع إجماع أفراد من أمثالك وأمثالي، بل إجماع المجامع اللغوية، وارجِعْ إلى أي كتاب شئت عن قواعد الإملاء (التي تلومني لأني أضعت وقتك بالكلام عنها) تجد فيه القاعدة كما ذكرها مجمع اللغة العربية، سواء أكان المؤلف مصريا؛ مثل عبد السلام هارون، أو الدكتور أحمد مختار عمر الخبير بمجمع اللغة العربية، أو الدكتور رمضان عبد التواب (وللأخير كتاب مستقل في كيفية كتابة الهمزة باسم: مشكلة الهمزة العربية)، أو كان مؤلف الكتاب شاميا مثل أحمد قبش في كتابه (الإملاء العربي 43 – 44، دار الرشيد، دمشق / بيروت، 1984)، أو عراقيا مثل عبد المجيد النعيمي ودحام الكيّال في كتابهما (الإملاء الواضح، ص 29، مكتبة دار المتنبي، بغداد، ط 3، 1967)، أو غيرهم، وهم كُثْر.

فأنت تجادل يا أخي في مسألة محسومة، عليها إجماع المجامع اللغوية، وإذا أردت أن تنقض هذا الإجماع فعليك أن تأتي برأي أي مجمع لغوي يدعي أن رأيك صحيح، وهذا لن يكون ... لأنه لم يكن.

لذا فإني أُنزّهك يا أخي عن الجدال بالباطل، مثلما أُنزّهك أن تجادل فيما لا تعلم، وتردّ قول من يعلم.

كما أنزهك يا أخي عن الكِبْر، فإنه «لاَ يَدْخُلُ الْجَنّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرّةٍ مِنْ كِبْرٍ» كما أخرجه مسلم وغيره.

وإن الإصرار على عدم خطأ وضع الهمزة تحت الألف الطرفية، مثل (الملإ)، سيؤدي إلى تكرار هذا الخطأ في عديد من الكلمات في أحاديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عند طباعة كتب السنة بخطك الجميل.

وإذا كان هذا يحدث في الماضي بسبب جهل الناشرين وكثير من القراء بأن هذا خطأ، فكيف تسمح به في خطك بعد أن عرفتَ قرار مجمع اللغة، واطّلعت عليه في كتب اللغويين!

أترضى بالإصرار على الخطأ؟

أترضى بالخطأ في كتابة حديث رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؟

اللّهُمّ أَرِنَا الْحَقّ حَقا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير