وكان منهجنا العام في الحواشي هو انتقاء الهوامش والفوائد التي رأينا أنها الأهم من الكتب الثلاثة السابقة، فطبقنا مقولة " ما لا يُدرك كله، لا يُترك جله "، وقد عملنا في الكتاب قدر استطاعتنا، وفي النهاية المسألة مسألة اجتهادية، نسأل الله سبحانه، أن يأجرنا على قدر نيّاتنا، إنه عفو كريم.
وعلى كل حال، قد قررنا أن نأجل رفع الكتاب لبضعة أشهر، لنضيف على حواشيه بعض فوائد كتب أخرى، حسب الاستطاعة، نسأل الله عز وجل أن يوفقنا في ذلك.
أما ما سأل عنه الأخ الفاضل " المردسي " فيما يتعلق بفهرسة الكتاب للشاملة، فهذا أمر آخر، هو أيضا من الكماليات، التي تحتاج لوقت طويل لعملها، فهناك عدة آلاف من الأبواب التي تحتاج فهرسة، وإذا لم يُعمل حسابها منذ بداية إدخال الكتاب إلى الشاملة، فإن استدراكها أمر يطول، واعتقد أن خاصية البحث في الشاملة تغني عن فائدة هذه الفهارس، والله تعالى أعلم.
وأما الأسئلة التي وجهها لي الأخ الفاضل " أحمد بن بدوي "، فإجاباتها كالتالي:
قد ذكرت أخي الكريم أن مشكلة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي تكمن في عدم فهم الكثير من طلبة العلم له، واعتقد أن هذا قد ينطبق على العوام، أما طلبة العلم المختصين، فهذا بعيد، ففكرة الترقيم سهلة، لكن الاستفادة منها ليست دائما كذلك، كما قد بينت ذلك في بداية كلامي على هذه المسألة.
قد ذكرت أخي الكريم أهمية نقل جميع حواشي الطبعة التركية، لكننا رأينا أن أغلب هذه الحواشي متعلق بالشرح أو اللغة أو الفقه، مما هو منقول من شرح النووي وغيره، وقليل منها ما كان متعلقا بالصناعة الحديثية، وهذا هو الذي اهتممنا به قدر الاستطاعة، وما ذكرته عن هوامش النسخة اليونينية لصحيح البخاري ينطبق على هوامش الطبعة التركية لصحيح مسلم.
قد استفسرت أخي الكريم عما إن كنا قد استقصينا كل الكتب المذكورة للدارقطني والجياني وابن عمار وأبي مسعود، والإجابة هي، أننا لم نفعل ذلك، وإنما انتقينا أغلب التعليقات من طبعة دار طيبة، فالجهد في الأصل جهدهم، ولم نراجع عمل محققها، الأستاذ الفاضل الفاريابي، من حيث التوثيق، ومن حيث حصر هذه الكتب، ونحن نحسن فيه الظن، جزاه الله خيرا.
وأما عن سبب وجود ثمان تعليقات فقط، بدأت بجملة " قال أحمد الخضري "، فلأن العمل على الكتاب لم يتم من قبلي، كما هو الحال في جميع الكتب التي نعمل عليها تقريبا، وإنما قام بهذا العمل الإخوة الذين يعملون معي، وقد كانت لي بعض التعليقات التي كنت قد كتبتها قديما بخط يدي على حواشي بعض نسخ صحيح مسلم المطبوعة عندي، والتي استُخدمت في المقابلة، فتم نسخ هذه التعليقات القليلة ضمن الحواشي.
ذكرت أخي الكريم أنك لاحظت ندرة الفروق بين النسخ، وهذا صحيح، لأن النسخ التي اخترناها في العمل أغلبها متقن، والفروق بينها قليلة، وأغلب هذا القليل غير مؤثر، في نظرنا، والله تعالى أعلم.
نقلت أخي الكريم تعليقي على الحديث رقم (1035) بترقيم عالم الكتب: (قال أحمد الخضري: هذا الحديث غير موجود في الطبعة التركية)، ثم علقت عليه بقولك: (هل معناه أنه مثبت من بقية النسخ؛ أو ماذا؟ لخطورة مثل هذا الصنيع لا بد من التوضيح؛ وهو موجود في نسخة الشاملة القديمة من صحيح مسلم).
قلت: أرى والله أعلم أن كلامي واضح، وظاهره أن الحديث موجود في بقية الطبعات، وكل ما في الأمر أني اختصرت الكلام بما قل ودل، وإن كان الأفضل أن أفصّل أكثر، وأنا معك في هذا، لكن المسألة لا تستحق بأن تصفها بقولك (لخطورة مثل هذا الصنيع)، فأين هي الخطورة؟ أنت إذا شككت في صحة كلامي، فما عليك إلا فتح الطبعة التركية والبحث فيها عن هذا الحديث، فإن وجدت كلامي صوابا، فالحمد لله أننا وُفقنا في ذلك، وإن وجدت أننا أخطأنا، فادعوا الله أن يغفر لنا ذلك، ففي النهاية نحن بشر، والخطأ وارد علينا جميعا، وما أردنا إلا الخير.
وحتى تطمئن نفسك أخي الكريم، هاك مزيد من التفصيل:
الحديث موجود برقم (491) في طبعة دار طيبة، وطبعة دار السلام، والطبعة المصاحبة لشرح النووي، والطبعة المصاحبة لإكمال المعلم للقاضي عياض، وموجود برقم (1128) في طبعة المكنز الإسلامي، وموجود برقم (1035) في طبعة عالم الكتب.
¥