تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يعبرون عن هذه العصبية كما قلنا بالخامس وجمعه خوامس، وهم يقصدون بهذه العصبية طبقة من طبقات النسب التي مرّ التعريف بها، وهذه الطبقة هي الأسرة الجامعة للفصائل، أو هي بتعبير آخر البيت، وجمعه بيوت؛ وأبيات، والبدنة. < o:p>

فالخوامس عصبية وحمِيَّة يُعبَّر عنها تارة بالبيت وبأهل البيت، يقال: في الفخذ الفلاني سبع أبيات؛ ولذوي المكانة والعز والشرف يعبر عنها بالبيوتات ويقصدون سبع خوامس، وهكذا. ومتى كثر عدد أفراده وتجاوز القدر المألوف فإنه يُستعاض عن هذه التسمية بالفخذ، لأنه قد ارتقى إلى طبقة أعلى من طبقات سلسلة النسب. والعاملان المؤثران في ذلك هما: < o:p>

1. عامل الزمان.< o:p>

2. عامل الكثرة والعدد.< o:p>

فهذان العاملان يؤثران في الغالب الأكثر. وإلاَّ فإن هناك عاملٌ قوي ومؤثر كان معتبراً في النظرية ومطبقاً في واقع الأمر، وذلك متى كان أفراد الجيل متفاوتون بين مكثر ومقل، أو أن بعضهم صاحب شهرة والآخر لا شهرة له.< o:p>

وحيث أننا سلَّمنا بأن الخامس يدعى بالبيت والبدنة وبالأسرة فإنه يجب ملاحظة أن الفصيلة تختلف عن الأسرة أو البيت، حيث أن الخوامس يتألف من عدة فصائل، فالفصيلة هي إحدى الأجزاء المكونة للخوامس، فكما أن آل هاشم يشكلون بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن آل أبي طالب بن عبد المطلب يُكَوِّنون أحد فصائل ذلك البيت، وآل أبي لهب بن عبد المطلب فصيلة، وآل العباس بن عبد المطلب فصيلة، وآل جعفر بن عبد المطلب فصيلة، وآل الزبير بن عبد المطلب فصيلة، وآل الحارث بن عبد المطلب فصيلة، فكل هذه الفصائل الهاشمية تُكوِّن أسرة هاشم وأهل بيته، أما العائلة فهي خاصة الرجل الذين يعولهم، وهم أولاده وزوجته الذين يحويهم البيت السكني المبني من اللبن والخشب، والحاصل أنه ليس دون الفصيلة إلا الرجل وولده.< o:p>

أما ما يتعلق بآية التطهير من سورة الأحزاب فإن تأويلها قد بينته السنة، وهو مصطلح شرعي، فلا يعم كل بني هاشم. < o:p>

س/و لماذا الخامس؟ < o:p>

لأن بعد خمسة أجيال لابد أن تحصل عصبية للجد الخامس يتعصب إليه ذووه، لأنه قد تَكَوَّنَ لديهم مفصلٌ في سلسلة النسب قد ميزهم عن بقية قرابتهم، وهو أمر طبيعي، ونعني بكونه طبيعي؛ أنه قديم وغالب، وقد قال العباس بن عبد المطلب يوماً: أنا المُسْقِي بن المسقي بن المسقي بن المسقي بن المسقي. فتوقف عند قصي بن كلاب جده الخامس ساقي الحجيج، لأنه عند قصي تكونت لهم عصبية خاصة ضمن العصبية العامة التي هي التعصب للقبيلة الأم وهي قريش، وهي بالنفس أتوق، وبالإنسان ألزم، ومعلوم أن أول من سقى بزمزم إنما هو عبد المطلب، إذ كانت قبل ذلك مطمورة مطبقة، فسقى لهم منها، وسقى أسلافه من غيرها.< o:p>

وسواء كان للجد الخامس إخوة أم لا إخوة لديه، فلو فرضنا عدم الإخوة فإنه يكون قد كوَّن لِعَقِبِهِ عَصبية ينافحون عنها، ويدورون حول قطبها؛ وفي فلك حماها وعِزِّها، ولو فرضنا وجود الإخوة له، فإنه قد صار بعد الجيل الخامس مِفْصَلاً، أي طبقة من طبقات عمود النسب، ويكون قد تكونت له عصبية يدور عَقِبُهُ حول قطبها كما أن لإخوته عصبية تكونت لهم لدى عقب كل واحد منهم.< o:p>

فالجدُّ الأول لا تتكون له عصبية منعزلة عن إخوته، ولا تنفك العصبية لدى عقبه عن التعصب للجد الأعلى منه، لأن النفس البشرية كما أنها تواقة لتكوين عصبية قريبة مستقلة، فإنها في المقابل تكره أن تستقل بعصبية في مرحلة مبكرة، لأن هذا يكون بمثابة الثورة على الوطنية، وبمثابة التنكر للقرابة؛ والقطيعة للرَّحم؛ وهو لؤمٌ ونذالة، إلا إن حصل أمر خلاف المتوقع، ولكن متى تباعدت الأنساب كان ذلك دافعاً للنفس المحِبَّة للمدنية كي تحتمي بكهفٍ يحتوي جوانبها، وكي تدفأ بنفوس ترى فيهم الحماس لنجدتها أشد، فتلوذ بقريبٍ قريب؛ من قريب بعيد بدأت تتحسس منه نوع وَحْشَة ودَهْشَة، وتتوجس منه نوع غُرْبَة وجَنْبَة، مع وَهَنٍ في الحماسة نحوها بالنسبة لمن له أقرب، وهكذا كلما تباعدت الأنساب كلما انتابت النفس منها الوَحْشَة، وأقلقت جَنَبِاتِها الغُربة، وبردت عنها الحمية، ونقصت فيها العصبية.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير