والتجريح مادام أن لها محملاً من الحق والصواب، فالعبرة بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
رابعاً: أكثر المؤلف من الاستشهاد بالآيات القرآنية التي تدل على سماحة الإسلام، وعن العفو والصفح الجميل من خلال سرد الآيات القرآنية معزوه برقم السور مع الآيات، وغض الطرف عن آيات الجهاد؛ إذ الموضوع الأصلي للكتاب موضوع التسامح الإسلامي، من ناحية، ثم إن بريطانيا (بلد المؤلف) كانت محتلة للهند من جهة أخرى ووجه ذلك لا يخفى!!.
خامساً: يدعي المؤلف أنه يحاول الحيادية في الكتاب إذ يقول: " ومع أن هذا المؤلف – وهذا أمر مسلم به كما يتضح في التمهيد- عبارة عن سجل لجهود نشر الدعوة، وليس تاريخاً للاضطهاد، حاولت أن أكون غير متحيز البتة " ()، ومع وجود كثير من الإنصاف والعدل في هذا الكتاب، إلا أنه لم يسلم من النقد والملاحظات كما سبق من غير تمحيص والتي لا تقلل من قيمة الكتاب العلمية.
سادساً: اعتمد المؤلف على مراجع ومصادر عربية وفارسية وغربية، واعتمد كثيراً على مستشرقين ورجع إليهم في كل ما أشكل عليه فهمه، كما صرح بذلك في تقديمه لكتابه ()، ومن خلال استقرائي لمراجعه ومصادره لكتابه وجدت الآتي:-
أولاً: قلة المصادر العربية مقارنة بالمصادر الأجنبية والاستشراقية، فتكاد أن تنحصر كتبه العربية التي اعتمد عليها على بعض الكتب في السيرة والتاريخ، وتحديداً: سيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحاق، وتاريخ الطبري،والمسعودي مع العلم أنه كان يشير إليها إشارات مختصرة جداً، وغالب المراجع أجنبية استشراقية، ولعل نظرة عابرة لحواشي كتابه تعزز ما ذكرنا.
ثانياً: يذكر المؤلف أنه لاقى صعوبة في جمع مصادر الكتاب ().
ثالثاً: يحاول المؤلف أن يضفي على بعض المراجع الاستشراقية نوعاً من الهالة والتضخيم كدعاية وتسويق للمؤلفات الاستشراقية في الدراسات العربية، ومن ذلك – مثلاً- ادعاؤه في قضية – الردة والمرتدين بعد وفاة الرسول – بأنه لم يجد بحثاً – في تلك القضية أكثر شمولا، وأعظم قيمة مما كتبه أستاذه جولد تسيهر ().
سادساً: دراسات وبحوث عن الكتاب:-
استفرغت وسعي، وبذلت جهدي في البحث عن دراسات وأبحاث سابقة عن توماس آرنولد وكتابه " الدعوة إلى الإسلام "، فلم أقف إلا على دراسة واحدة بعنوان: "دراسة نقدية لكتاب: الدعوة إلى الإسلام " عبارة عن رسالة ماجستير في الدعوة من المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة للباحث محمود حمزة عزوني، تحت إشراف: الدكتور: إبراهيم عكاشة، ومن أهم ما توصل إليه الباحث – في ضوء نقده للكتاب- أنه " بالرغم من شهرة آرنولد بأنه من المستشرقين المعتدلين فإن البحث الدقيق في كتاباته تدل على أنه يشارك غيره من المستشرقين في الطعن في الإسلام بأسلوب هادئ وبخاصة في كتابه الخلافة وفي كتابه الدعوة إلى الإسلام .. ().
، وهذه النتيجة فيها تجني على الكاتب؛ إذ أن وجود الملاحظات على أي كاتب أمر وارد، ولكن ينبغي أن تكون بقدرها من غير غمط لقيمة الكتاب، وجهد مؤلفه، ولا ينبغي أن نحرص على البحث عن الأخطاء أكثر من حرصنا عن البحث عن الفائدة، فنقِّول الكاتب ما لم يقل .. وهذا لسان حال ومقال كثير من الناس – كما يقول شيشرون-: " البعض يفتش عن أخطاء الآخرين كما لو كان يبحث عن كنز"، وبعض الناس يجعل من نفسه كالذباب لا يقع إلا على الجرح أو الجيف ..
أما المقالات والمناقشات على الكتاب فقد وقفت على بعضها في صفحات بعض المواقع الإسلامية على شبكة الانترنت
منها المادح ومنها القادح في الكتاب، وغالبها لا يخلو من شطط، وتعميم وتعجل في سرعة إصدار الأحكام على عواهنها من غير تمحيص أو تدقيق، مع ما يرافق ذلك القسوة في الكلام من خلال التجريح والتشنيع ().
سابعاً: ملاحظات عامة عن الكتاب:-
لعلي أشرت إلى بعض الملاحظات الموجودة في الكتاب، لاسيما في الحديث عن منهج المؤلف في تأليف هذا الكتاب من مثل:
? إسقاط المصطلحات الغربية على التاريخ الإسلامي كالقومية التي تتنافى وعالمية الدين، وهذه الملاحظة، قد لا تكون بالصورة التي يقصدها المؤلف نشأ في بيئة هذه مصطلحاتها، ولا مشاحة في المصطلحات.
? التمجيد والتفخيم لكتابات المستشرقين.
¥