تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-إذن- كان الدافع الأساسي لتأليف كتاب " الدعوة إلى الإسلام" هو دافع لفكرة (تجديد الدين للجمع بينه وبين الفكر الأوربي الحديث) تحمس لها توماس آرنولد كثيراً أملتها الظروف الحرجة للهند في تلك الفترة يوم أن كانت ترزح تحت الاحتلال البريطاني وما يتبع ذلك من الهيمنة الثقافية والسياسية، ومقاومة من يقاومها بالفكر والثقافة الغربية، ولما كانت الثقافة الغربية تتقاطع مع الثقافة الإسلامية في كثير من القضايا؛ انطلقت دعوات التجديد والإصلاح الديني من المسلمين والمستشرقين؛ من أجل التوفيق بين الدين الإسلامي والثقافة الغربية .. فكان من وسائل ذلك الكتابات والمقالات المدعمة لهذه الفكرة، ومن رحم هذه الفكرة ولدت أول مؤلفات آرنولد " الدعوة إلى الإسلام "، ولعل موضوعات الكتاب تؤكد ذلك وتدعمه، وهذا ما نبينه في الفقرة الآتية:-

رابعاً: موضوعات الكتاب:-

يتألف الكتاب من ثلاثة عشر باباً، وخاتمة، نوجزها بالشكل الآتي:-

والملاحظ: أن موضوعات الكتاب – في الحقيقة – تخدم الهدف والغرض من تأليفه؛ ذلك الهدف المتمثل بـ: الجمع بين الدين الإسلامي والفكر الأوربي الحديث؛ درءاً للتعارض بين الدين الإسلامي والفكر الأوربي؛ فجاء كتاب " الدعوة إلى الإسلام " متناغماً مع موضوعاته التي تخدم ذلك الغرض .. حيث كانت الموضوع الأساس للكتاب: قضية انتشار الإسلام عبر التأريخ بدأ من الداعية الأول رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم مروراً بانتشاره أيام الخلافة الراشدة وما بعدها من فترات الفتوحات الإسلامية، مركزاً فيها على قضية التسامح الديني في ذلك الانتشار، وهو ما يشير إليه آرنولد في كتابه في معرض حديثه عن التسامح الديني للمسلمين معرضاً عن الاضطهادات التي حصلت من آحاد المسلمين () والقارئ الحاذق يشم من كلام آرنولد عن التسامح الديني في الانتشار الإسلامي رائحة إماتة الروح الجهادية عند المسلمين، مبرهناً بزعمه على أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، وإنما انتشر بالدعوة السلمية المتبرئة من كل قوة، وهذا ما يذكره بعض الباحثين على الكتاب، ومن باب الإنصاف نقول: إن أرنولد من أكثر المستشرقين إنصافاً للإسلام، حيث أنه لم يكن حاقداً على الإسلام، وكتابه مفيد، وما قيل عنه لا يقدح فيه في الجملة.

خامساً: منهج المؤلف في الكتاب:-

من خلال الاستقراء والتتبع لكتاب " الدعوة إلى الإسلام " نلحظ أن مؤلفه اتبع منهجاً معيناً سار عليه في كتابه نوجز ذلك بما يأتي:-

أولاً: اتخذ المؤلف المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في سرد أحداث الدعوة الإسلامية عبر فترات تاريخ الفتوحات الإسلامية المختلفة بالتدريج من العهد النبوي وما بعدها .. مركزاً فيها المؤلف على قضية التسامح الديني الإسلامي في تمدده وانتشاره في الجزيرة العربية وخارجها.

ثانياً: أخذ المؤلف بالمنهج المقارن؛ حيث كان يقارن بين وسائل الفتوحات الإسلامية، القائمة على التسامح واللين ووسائل نشر المسيحية التي كانت تنتهج العنف خاصة في العصر الحديث، كما حصل – مثلاً من الملك أولاف الذي أجبر أهالي "فيكن " (القسم الجنوبي من النرويج) على الدخول في المسيحية من خلال تقطيع الأيدي والأرجل والنفي والتشريد، وبهذه الوسائل استطاع الملك أولاف نشر الدين المسيحي في فيكن بأسرها ()؛ والمؤلف يرمي من وراء ذلك

إثبات أن الإسلام انتشر في البلاد المسيحية بسبب أخطاء رجال الدين المسيحي، والتسامح الإسلامي.

ثالثاً: كثيراً ما كان يستعمل المصطلحات والألفاظ التي تتسم بالجدل بين الإسلاميين من حيث جواز استعمالها والأخذ بمضمونها .. ومن ذلك – مثلاً – مصطلح " القومية " والتي يجعلها علماً على رأس فترات التاريخ الإسلامي في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم –؛ حيث نجد المؤلف يصف موضوع " الهجرة إلى المدينة " بعنوان بارز: بداية الحياة القومية للإسلام ()، وكذلك في خاتمة كتابه وهو يعدد – عوامل نجاح الدعوة الإسلامية – يطلق على الدعوة السلفية مصطلح (الوهابية) التقليدية العدائية للغرب، في مقابل الدعوة إلى حركة حداثية تنسجم مع الغرب ولا تعاديه والتي أطلق عليها لقب" حركة الوحدة الإسلامية" التي تسعى إلى ربط جميع شعوب العالم الإسلامي برباط مشترك من المودة والتعاطف ... ()، والأصل أن لا نحمل كلام المؤلف في ذلك محمل الإساءة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير