تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" مَنْ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ "

رواه أبو داود، و النسائى، و هو فى السلسلة الصحيحة 254

يَعْنِي مَنْ أَحْسَن إِلَيْكُمْ أَيّ إِحْسَان فَكَافِئُوهُ بِمِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبَالِغُوا فِي الدُّعَاء لَهُ جُهْدكُمْ حَتَّى تَحْصُل الْمِثْلِيَّة.

قال ابن المنير رحمه الله:

" مُنَاسَبَة الدُّعَاء لِابْنِ عَبَّاس بِالتَّفَقُّهِ عَلَى وَضْعه الْمَاء مِنْ جِهَة أَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْن ثَلَاثَة أُمُور: إِمَّا أَنْ يَدْخُل إِلَيْهِ بِالْمَاءِ إِلَى الْخَلَاء، أَوْ يَضَعهُ عَلَى الْبَاب لِيَتَنَاوَلهُ مِنْ قُرْب، أَوْ لَا يَفْعَل شَيْئًا، فَرَأَى الثَّانِي أَوْفَق؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّل تَعَرُّضًا لِلِاطِّلَاعِ، وَالثَّالِث يَسْتَدْعِي مَشَقَّة فِي طَلَب الْمَاء، وَالثَّانِي أَسْهَلهَا، فَفِعْله يَدُلّ عَلَى ذَكَائِهِ، فَنَاسَبَ أَنْ يَدْعُو لَهُ بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّين لِيَحْصُل بِهِ النَّفْع "

فتح البارى 1/ 295

ثانياً: فضل العلم، و التفقه فى الدين حيث أن النبى صلى الله عليه و سلم لم يختر لابن عباس رضى الله عنه دعوة أفضل من الفقه فى الدين يدعوا له بها، و مما ورد فى فضل الفقه فى الدين من النصوص ما يلى:

(1) قال تعالى:

{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} (طه:114)

قال الحافظ رحمه الله:

" وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ: (رَبّ زِدْنِي عِلْمًا)

وَاضِح الدَّلَالَة فِي فَضْل الْعِلْم؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَأْمُر نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَلَبِ الِازْدِيَاد مِنْ شَيْء إِلَّا مِنْ الْعِلْم، وَالْمُرَاد بِالْعِلْمِ الْعِلْم الشَّرْعِيّ الَّذِي يُفِيد مَعْرِفَة مَا يَجِب عَلَى الْمُكَلَّف مِنْ أَمْر عِبَادَاته وَمُعَامَلَاته، وَالْعِلْم بِاَللَّهِ وَصِفَاته، وَمَا يَجِب لَهُ مِنْ الْقِيَام بِأَمْرِهِ، وَتَنْزِيهه عَنْ النَّقَائِض، وَمَدَار ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِير وَالْحَدِيث وَالْفِقْه " (فتح البارى 1/ 80)

(2) عن معاوية رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:

" مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ "

رواه البخارى فى كتاب العلم [بَاب مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ]

ورواه مسلم فى كتاب الزكاة [باب النهي عن المسألة]

ووجه الدلالة من الحديث على فضل التفقه فى الدين أن النبى صلى الله عليه و سلم قد أثبت الخير لمن تفقه في دين الله.

ثالثاً: فى الحديث منقبة ظاهرة لعبدالله بن عباس رضى الله عنهما حيث دعا له النبى صلى الله عليه و سلم بالفقه فى الدين فاستجاب الله عزوجل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، فكان من الفقه بالمحل الأعلى. وكان من أعلم الصحابة بتفسير القرآن ومما يدل على ذلك قوله رضى الله عنه:

" كَانَ عمر - رضي الله عنه - يُدْخِلُنِي مَعَ أشْيَاخِ بَدرٍ فكأنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ في نفسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذَا معنا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثلُهُ؟! فَقَالَ عُمَرُ: إنَّهُ منْ حَيثُ عَلِمْتُمْ! فَدعانِي ذاتَ يَومٍ فَأدْخَلَنِي مَعَهُمْ فما رَأيتُ أَنَّهُ دعاني يَومَئذٍ إلاَّ لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تقُولُون في قولِ الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}؟ [الفتح: 1] فَقَالَ بعضهم: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نَصَرنَا وَفَتحَ عَلَيْنَا، وَسَكتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيئاً. فَقَالَ لي: أَكَذلِكَ تقُول يَا ابنَ عباسٍ؟ فقلت: لا. قَالَ: فما تقول؟ قُلْتُ: هُوَ أجَلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} وذلك علامةُ أجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} فَقَالَ عمر - رضي الله عنه -: والله مَا أعلم مِنْهَا إلاَّ مَا تقول "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير