تقع المكتبة الخالدية في مبنى أثري قديم في حي باب السلسلة عند التقائه بعقبة أبو مدين التي تتجه إلى حارة المغاربة وهذا المبنى هو تربة مملوكية قديمة يرفدها الأمير المجاهد حسام الدين بركة خان، وفي صحن هذا المبنى الأثري العريق تقع المكتبة الخالدية• وقد جدد مبنى هذه التربة عام 792 هـ على يد محمد بن أحمد العلائي وأضاف إليها سبيل ماء مايزال من الآن قائماً عن مدخل المكتبة الخالدية•
وما كادت المكتبة تظهر إلى الوجود حتى أقبل إلى القدس العلامة الشيخ طاهر الجزائري منفياً من دمشق بأمر من السلطنة العثمانية، وكان الجزائري مغرقاً بالمخطوطات والكتب، فساعد صديقه الحاج راغباً في ترتيب محتوياتها وتبويبها•
وتولى إدارة المكتبة بعد الشيخ طاهر الجزائري الشيخ أمين الأنصاري وقد ظل مديراً للمكتبة زهاء نصف قرن ولشدة تعلقه بها أخذ يحتفظ بمحتوياتها ضمن خزائن منيعة خوفاً عليها من السرقة أو الدمار أو غير ذلك•
وبقي مفتاح المكتبة في عهد ةولده، حتى تولى أمرها في عام 1967م حيدر الخالدي بوصفه قائماً بأعمال تتولى أوقاف آل الخالدي في القدس، وقد قام عادل وقريبه راغب حسن شكري الخالدي بإعداد برنامج المكتبة العمومية وماتحتويه من سجلات•
وفي مكتبة فهرس طبع إبان تأسيسها إلا أنه غير شامل لمحتوياتها، وقد شارف الدكتور نظمي الجعبة على كتابته•
نفائس المكتبة الخالدية
تضم هذه المكتبة عدداً كبيراً من المخطوطات التي كتبت بخطوط مؤلفيها من مشاهير العلماء، وتلك التي كتبت في زمان مؤلفيها، أو بعده بعناية خاصة أو من النسخ المذهبة الأنيقة المستخدم فيها عدة ألوان مختلفة من الحبر، إلى غير ذلك من أوجه نفاسة الكتاب المخطوط• ونذكر منها:
1) نسخة قديمة من مقامات القاسم بن علي الحريري•
2) كتاب شاناق في السموم والترياق الذي عُرب زمن العباسيين لشانقات الهندي الطبيب وهي نسخة أيوبية•
3) سيرة ابن سيد الناس للعز محمد بن أبي بكر بن جماعة بخط يده•
4) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير كتب بخط ابن أخيه عام 962هـ
5) روضة الرائض في علم الفرائض وجامعي فوائد للتاج ابن عربشاه العثماني بخطه•
6) شرح جواهر الذخائر للبدر الغزي مفتي دمشق في زمانه وبخطه أيضاً•
7) الجزء الأول من نسخة قديمة من كتاب النوادر لابن الأعرابي•
8) مجموعة فوائد في التاريخ والأدب بخط جامعها المؤرخ المشهور العلاء بن خطيب الناصرية الحلبي••
9ـ في المكتبة الخالدية كتاب نادر جداً في الفقة المالكي يعود إلى عام 1418م•
وقد صنف د• كونداد أفضل مخطوطات المكتبة وفق زمان كتابتها كما يلي:
وقد حوت المكتبة الخالدية إلى جانب ذلك عدداً من المؤلفات والمكتوبات والرسائل الخاصة، وبها كذلك بعض المصاحف، منها مصحف في غاية الجمال يعود تاريخه إلى العهود الأولى من الفترة العثمانية، يضاف إلى ذلك عدة كتب بالفارسية والتركية ومجموعة من الوثائق العثمانية في الأدب والطب والتاريخ وغيرها بلغات مختلفة•
وتبعاً لإحصاءات ذكرها الدكتور العسلي هي:
1318 كتاباً في عام 1900، وفي عام 1928 م بلغت 4000كتاب ثلثها مخطوط، ثم في عام 1936 بلغت 7000 كتاب ثلثها أيضاً مخطوط، أما في عام 1945 قدر مافيها بـ 12000 كتاب سواء باللغة العربية أو غيرها، ومن هنا بدأت المشكلة عندما عاد الدكتور الخالدي إلى سجل الخالدية فإذا ما فيه لايتجاوز ستة آلاف كتاب، وهو بالتحديد 5904 كتاب ومخطوط•
قصة المكتبة الخالدية كما رواها السيد خير الخالدي
عندما دخل الصهاينة إلى فلسطين حاولوا الاستيلاء على الطابق الأعلى للمبنى المكتبية واتخذوا منه مدرسة دينية وهي المسماة عندهم (ياشيفا)، ولكن المكتبة بقيت بيد الخالديين وكان هؤلاء اليهود المتدينون: يلقون بقمامتهم في ساحة المكتبة عمداً وادعوا ملكية المبنى كله لهم مما اضطر الخالديين إلى اللجوء إلى المحكمة واستمرت القضية من عام 1984 إلى أواخر عام 1987 وانتهت بالحكم للخالديين بالملكية، فبقيت منذ ذلك الحين إلى اليوم في أمان، عندها قامت الأسرة الخالدية بتجديد مبنى المكتبة وترميمه، بما في ذلك نوافذها ونقوشها القديمة ولوحتها الخارجية كما صنعوا سقفاً للساحة التي يرقد فيها الأمراء الثلاثة، مع تجديد المبنى على أضرحتهم، ثم قاموا باستبدال طابق حديث مستقل يُصعد إليه بدرج خاص حفظت فيه المخطوطات في السقف
¥