تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هناك فرق بين الاقتباس (أخذ النص حرفيا) وبين التضمين (أخذ المعنى) وبين السرقة (الاقتباس دون الإشارة إلى المصدر أو الاكتفاء بالإشارة إلى عدم ملكية النص) وبين الاستهلاك ,ولأن الاستهلاك هو موضع النقاش لم أضع له تعريفا مختصرا بين قوسين.

المعاني مطروحة لكل الناس ’ لكن كلا منهم له فكرة في التعبير عن معناه وطريقته في اختيار أدواته , وهذه الأدوات هي المسؤولة عن الصورة النهائية للمعنى.

ولا نتكلم هنا عن إيصال الفكرة لمجرد إيصالها فقط , فإيصال الفكرة سهل لدرجة أن إشارة باليد تكفي لوصول الحد الأدنى لبقاء وظيفة الاتصال بين الناس.

المقصد هو الطريقة في اختيار أدوات الإيصال (اللفظ - المعنى - الخيال ,,, الخ) , الطريقة الفنية هي مجالنا.

وليس على الأديب أن يأتي معنى لم يسبقه إليه ولا أن يتخذ فكرة لم تأت بها الأوائل ليكون أديبا , فأخذ المعنى والفكرة بابه مفتوح على مصراعيه , لأنهما كما سبق وأوضحت مطروحة للكل , وللتوضيح هذا أنموذج معنى عام أوصله إلينا أكثر من شاعر:

المعنى: أنك لا تنال كل ما تريد

قال المتنبي: ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ

وقال أبو العتاهية:

ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ رُبَّ اِمرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنّاهُ

وقا آخر

لَيسَ لِلمَرءِ كُل ما يَتَمَنّى إِنَّما الحُكم راجِع لِلقَضاء

المتنبي لجأ إلى فكرة جزئية (الرياح ليست على هوى ركاب السفن ’) لإيضاح الفكرة الكلية وهي المعنى (أنك لا تنال كل ما تريد) بعد أن صرح به وذكره بأسلوب مباشر وتقريري وعادي جدا

ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ

لكن عندما جعل السفن تتمنى - وهو يريد الناس - كان الفارق

واستخدم تقريبا نفس الأسلوب أبو العتاهية لكنه اختلف عنه بأنه أيد معناه بطريقة الاستدلال المنطقي

رُبَّ اِمرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنّاهُ

أما الثالث: فلم يرد إلا إيصال المعنى فقط (أسلوب الشعر التعليمي)

الاستهلاك يا صديقي هو أن تكون الفكرة في إيصال الفكرة مطروقة لدرجة الإملال كتشبيه الحبيب بالبدر والغزال.

والبعثرة هذه الأيام أصبحت كدعايات (بيبسي) وذلك بعد أن أكثر من تبعثره عمكم نزار , فجعلتموه حجة لكم.

فكم من شاعر سمى ديوانه: أوراق مبعثرة ’ أو قصيدته: حروف مبعثرة , آسف نسيت أن فكرتك هي التناثر

وأنا أقول صراحة إن نزار شاعر كبير جدا فلو بعثر أو لملم فلبعثرته نكهة خاصة – وإن كنت لا أحمدها – وينسى كل أصحاب الحداثة خبرة نزار وقدرته على تطويع اللغة وثراء مخزونه من المفردات

ليبعثرون فيتبعثرون

استهلاك الفكرة ليس شرطا مطلقا في عدم صلاحيتها , وإنما يكمن الفرق في طريقة الإيصال

فلك أن تعدني احدهم إن شئت

ممن؟ أصحاب الحداثة؟

أراك أنت من يشاء ذلك:)

ليس من حقي أن أصنفك قبل أن أرى لك شعرا عموديا:)

عموما أي شخص يقدر أن يكون منهم , كل ما عليه هو تأليف أي نص ثم ترتيبه وتزيينه بالفواصل وعلامات التعجب , ثم نشرأعماله

* لاحظ أني أقول أصحاب الحداثة ..

قلت عن قولك

تملؤني ... تغمرني أنه:

تكرار معنوي وإن اختلفت الألفاظ

فدافعت عنه بقولك:

ليست بتكرار وترتيبها يؤكد ذلك

مرتبة هي إذن؟ تملؤك ثم تغمرك؟ ما القرينة التي تدل على ذلك؟ النقاط التي بين الكلمتين؟: d

تملؤك: فأنت تحتويها - تغمرك فهي تحتويك:)

قلت لك:

بعثرتها أوراقا وأردت منها أن تغمرك؟

فأجبت:

نعم

فسأسألك: كيف؟

وتعصف بكياني

أوراق متناثرة تعصف أم يُعصَف با؟

لأضرب لك مثلاً عندما تأتيك ورقة أخي الجبلي كتب فيها (بأنك مفصول من عملك أو أن بك مرض السرطان لا سمح الله) ألن تعصف بك هذه الورقة , فأنت تطلب من حبيبتك أن تكون أوراقا فيها (أنك مفصول من عملك أو أن بك مرض السرطان لا سمح الله): d

القصد: هل تعتبر حبيبتك كورقة تعصف بك الكارثة التي كتبت فيها؟

أم كنت تظن أن أوراقي بلا عناوين كأوراق الشجر المتساقطة في فصل الخريف عناوين فقط؟ (لم أجد وجها حزينا كفاية لأضعه هنا)

أوراق الخريف إن خلت من عناونيك التي ملأت أوراقك , ففيها ألف دلالة

تعبثين بي عبث الحب

وعبث الموت ... يهز أركاني

لا أعلم من أين استوحيت بأن هناك عبثا آخر

تعبثين بي عبث الحب من يعبث بك؟ هي؟ أم تريدها أن عبث بك كما يبث بك الحب؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير