تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الواقع الثقافي اليوم واقع خطير، وقد تحدثت في أكثر من مناسبة – بأن الثقافة صارت مشاعة لا تعرف عائقا ولا تصدها حواجز، فحتى الأمية لم تعد عائقا فيمكن لامرأة أمية أو لراعي غنم أمي في أقاصي الصحراء أو في أعالي الجبال أن يكون مثقفا من خلال الفضائيات التي تستدر من كل مكان ومن خلال الصوت الصورة يمكن أن يستوعب الكثير والكثير ويحدث له تحولات نفسية وفكرية وأنت لا تدري وتتصور أنه أميته يحمي نفسه أو أنه في حصن حصين من التغير والتحول والتبدل وهذا نوع من الجهالة.

النقطة الثالثة:

أن يتقن الشباب تخصصاته المختلفة فمعركة العالم اليوم، معركة علم، معركة معلومات، معارف، تقنيات والصراع صراع معرفي حضاري وليس صراع طائرات وصواريخ ودبابات فقط.

إن إتقان التخصص عبادة وجهاد، معناه التغير إلى الأحسن ولهذا لا بد لنا من متخصصون في كافة العلوم الإنسانية والتقنية والهروب من التخصص تحت ذرائع مختلفة يدل على عدم وعي وأدارك لحقيقة الدور المطلوب من المسلم الذي يريد أن يعيش عصره ويتعامل مع خصومه.

النقطة الرابعة:

ينبغي أن نقوم بنشر الفكر والعلوم والثقافة في أواسط الأمة لأن تحصين الأمة ليس بضرب أسوار من الممنوعات أو من الأحوطيات، لا مجال اليوم لأن نقول هذا ممنوع وذاك مرفوض، إذا أردنا فعلا أن نكون أندادا وأكفاء في هذا العصر الذي لا يحترم الضعفاء ولا يقدر المهازل علينا أن ننشر الثقافة الحية والفكر الصحيح والعلم الصائب، العلم الذي يجعل الإنسان ينبذ الخلافات التي مزقت الأمة وفرقت شملها، العلم الذي يجعل الناس يتعاملون مع النبع الصافي في القرآن الكريم والسنة النبوية ثم التعامل مع قضايا العصر وفهمها وإنزال النصوص المناسبة في الحوادث والأحوال المختلفة لهذا الظرف ولهذا العصر الذي نعيش فيه، والثقافة التي تقنع الناس بأهلية ومشروعية المشروع الإسلامي، الثقافية التي تحميهم وتحصنهم من كافة الاختراقات الثقافية التي تعني احترام تجارب الأمة المسلمة وما أنتجه العلماء السابقون، الثقافة التي لا تجعلنا فعلا نواكب المعرفة ونستفيد من الخطأ رفضا له وإنهاء لآثاره، ونستفيد من الصواب تعميقا له وتجذيرا لمدلولاته لحقائقه.

الدور الثاني:-

دور اجتماعي:

على الشباب أن يقوموا بهذا الدور الاجتماعي لأن المطلوب اليوم تغيير في بنية المجتمع وإعادة صياغته صياغة جديدة حتى يصبح مجتمعا حقيقيا متماسكا ومتآخيا ومتحابا، الحزبية فيه مزيد من الحوار والتآلف والعطاء وليست طريقا لتصفية الحسابات الشخصية أو الأسرية أو العنصرية أو الطبقية أو السياسية، الحزبية عنده طريق ووسيلة من وسائل التواصل والتفاهم والحوار، الحزبية معناها دين للاعتراف بالآخر وإنصافه (ولا يجرمنكم شنآن قوم على لا تعدلوا).

نحن بحاجة لأن نقوم بهذا الدور الاجتماعي لأننا نعيش كثير من مظاهر الظلم والاستبداد لأن مجتمعنا بنيانه متفكك شبكة العلاقات الاجتماعية فيه كما قال أحد المفكرين:

إما مقطعة أو واهية لا تقوى على المواجهة الجماعية لكل مظاهر الظلم والقهر والاستبداد.

نحن بحاجة لأن نقوم بهذا الدور الاجتماعي عبر قياس لأنشطتنا المختلفة في المدارس والجامعات، عن طريق الاتحادات والنقابات والجمعيات، نقدم النموذج الذي يتجاوز الحساسيات العنصرية والمناطقية والحزبية، نعلم بعضنا بعضا كيف نتحاور وكيف نتنافس تنافسا مسئولا، وكيف نقدم الأكفاء وإن كان لا ينتمي لحزبنا أو جماعتنا، كيف نقدم الصالح العام على الصالح الخاص والصالح الوطني على الصالح الحزبي.

ينبغي أن نقوم بهذا الدور سواء في الوسط الطلابي أو الشبابي أو في أوساط الطلابي أو الشبابي أو في أوساط المجتمع المختلفة هذا إذا أردنا فعلا تغييرا حقيقيا في واقع يبشر بهذا المجتمع، حينما يربي هذا الإنسان على ألا يأخذ حق غيره بل يتنازل عن بعض حقه لغيره حينما نعلم آباءنا وإخواننا وأبناءنا أننا نكره الظلم ولو صدر منا، ونكره الاستبداد ولو صدر من أصحابنا، نقوم بالقسط والعدل ولو ضد أحبابنا أو أقرباءنا.

إن البعض بعقليتهم الجاهلة والمتخلفة يتصورون أنهم يوم يأخذون حقوق الآخرين، يكسبون حقوقهم ولا يدرون أنهم بهذا السلوك يكونون قد أعطوا المشروعية لغيرهم لأخذ حقوقهم سواء كانت هذه الحقوق مادية أو معنوية.

في موكب الشهود:

الدور الثالث:دور سياسي:

ولا بد من القيام بهذا الدور كشباب لأن المشكل السياسي أهم، مشكل في الأمة وأهم مشكل في العمل السياسي في عالمنا العربي والإسلامي أن الصراع فوقي، المجتمعات لا تتصارع كثيرا إلا على السلطة ولهذا ينبغي أن يكون لنا دور في حل المشكل السياسي من خلال إيمان حقيقي بالشورى، تمارسها ممارسة حقيقية في اجتماعاتنا المصغرة والكبيرة، نمارسها في اتحاد ونقابة وجمعية، نمارسها في المجتمع العام كالانتخابات مثلا، ونقدم فيه النموذج.

وخلاصة هذه الأدوار يختزلها قوله سبحانه وتعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).

المطلوب منكم اليوم الشهود الحضاري على العالم في الألفية الثالثة، وهذا يقودنا للحديث عن مظاهر الشهادة وأعتقد أن الوعي أهم مظهر من مظاهر الشهادة وذلك حتى تكون شاهدا على بينه.

إن الشهادة ينبغي أن تكون حقائق نقدمها يمكن أن تكون بالفعل قبل القول، يقول الله عز وجل (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) أي بفعلهم هذا شهادة على قولهم.

إذا تكون الشهادة بالقول والفعل والوعي الصحيح بالحوار الهادف والمعارضة البناءة بإنصاف الآخر و الاعتراف به والتعامل معه والشهادة بالعدل عليه.

*عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير