تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد تحقق في الفاروق ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم فنفع الله به الإسلام كثيرا واستحدث أمورا تعد بمثابة السبق على عصره وما يمكن أن يكون إضاءات للساسة اليوم منها طريقة الاستخلاف عن طريق الانتخاب من بين كوكبة مرضية عند عقلاء الأمة وإزاحة ابنه منها وما نتج عن ذلك من أساليب الانتخاب والاختيار ما يوصف بأنه غاية في الروعة والإبداع بفضل من الله ثم بحكمة عمر وحدة فراسته في اختياره لأولئك النفر الذين كانوا على مستوى المسئولية ... وهنا وصف لأسلوب الانتخاب والاختيار انقله للقارئ كما هو بعنوان أول انتخابات للرئاسة في الإسلام ** "يعد اختيار الحاكم أو الخليفة أو رئيس الدولة من الأمور الهامة التي تؤثر في مستقبل وحياة الناس، وتمثل الطريقة التي يصل بها الحاكم إلى الرئاسة مسألة هامة؛ لأنها بمثابة الشرعية التي تخول له الوصول إلى سدة الحكم، وتسيير شئون العامة. وقد شهد التاريخ الإسلامي تجربة رائعة في انتخاب الحاكم أو الخليفة حينما لا يكون هناك إجماع على شخصية بعينها، وهي الطريقة التي وصل بها سيدنا عثمان بن عفان إلى الحكم، وهي طريقة ابتدعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أجرى الله الحق على لسانه وقلبه كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد استشهد عمر رضي الله عنه وهو يؤم الناس في صلاة الصبح، حينما طعنه أبو لؤلؤة الخبيث عدة طعنات يملؤها الحقد على الإسلام والمسلمين، إلا أن عمر وهو على مشارف الموت لم يترك الأمة تموج بالاختلافات والاضطرابات التي لا تتحملها أمة تنتشر جيوشها على مشارف حدود الدولة الإسلامية تواجه الأعداء المتربصين، وترفع لواء الجهاد في سبيل الله، فاقترح على المسلمين بإلهام من الله أن تجرى انتخابات بينهم ليتحدد من هو الخليفة الراشد الثالث في تاريخ المسلمين.

من يخوض الانتخابات؟

لم يكن من الممكن أن يترك الباب مفتوحا أمام كل من يريد التقدم بالترشح للخلافة من غير ضوابط تحول دون أن يصل إلى هذا المقام من هو دون المسئولية، أو دون رضا الناس واقتناعهم به، فكان أن اتجه فكر عمر بن الخطاب صوب العشرة المبشرين بالجنة الذين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، الذين يعرف كل الناس قدرهم، وقد تقلد أمور المسلمين منهم اثنان (أبو بكر وعمر)، ورحل أبو عبيدة بن الجراح، وقال عمر لو أن أبا عبيدة حي لوليته أمور المسلمين، ولو سألني ربي يوم القيامة لقلت إني سمعت نبيك يقول: (لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) وقد وليت عليهم أمينهم، وبقي من العشرة سبعة عثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعيد بن زيد.

وقد حدد عمر رضي الله عنه من هؤلاء السبعة ستة ليخوضوا الانتخابات بعد أن استبعد منهم سعيد بن زيد زوج أخته فاطمة بنت الخطاب بسبب قرابته له، ورفض أن يرشح لهذا المنصب أحدا من أقاربه بمن فيهم عبد الله بن عمر الذي يشهد له المسلمون جميعا بالتقوى والورع والفقه، قائلا: بحسب آل الخطاب أن يحاسب منهم واحد.

الرئيس المؤقت

أمر عمر بن الخطاب أن يصلي صهيب الرومي رضي الله عنه بالمسلمين، أثناء الفترة الانتقالية التي تجرى فيها الانتخابات، وهو اختيار حكيم موفق من عمر لأنه ليس لصهيب مطمع في الخلافة، فهو ليس عربيا ولا قرشيا، ولئلا يكون صلاة أحد الستة المرشحين للخلافة بالمسلمين ترشيحا منه بالخلافة، أو نوعا من أنواع الترجيح له.

مدة الانتخابات

حدد عمر بن الخطاب فترة الانتخابات بثلاثة أيام، وقال لا يأتي اليوم الرابع إلا وعليكم أمير، وهي فترة ليست بالقصيرة لأنه لو زادت على ذلك فمعنى هذا أن شقة الخلاف ستتسع، ولو نقصت عن ذلك فربما لن تكون كافية لأخذ آراء جموع المسلمين في الخليفة القادم.

مراقبة الانتخابات

لضمان الحيدة وانضباط الأمور ومنع الفوضى، أمر عمر خمسين رجلا من الأنصار ليراقبوا سير الانتخابات، وجعل عليهم الصحابي الجليل أبا طلحة الأنصاري والصحابي الجليل المقداد بن الأسود، وقال كما ذكر الطبري في تاريخه: يا أبا طلحة إن الله عز وجل أعز الإسلام بكم فاختر خمسين رجلا من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم، وقال مثل ذلك للمقداد.

طريقة الانتخابات واختيار الخليفة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير