تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أمر عمر أن يجتمع هؤلاء الستة في أحد البيوت ومعهم عبد الله بن عمر، مشيرا فقط وليس له من الأمر شيء، فإذا اختاروا واحدا منهم رضوه، وإن اختار خمسة أو أربعة واحدا كان هو الخليفة، وإن تساوت الأصوات (ثلاثة أصوات لكل مرشح)، يأتي دور عبد الله بن عمر ليرجح أحد المرشحين، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر يختاروا الذي اختاره عبد الرحمن بن عوف، وقال عنه عمر بأنه مسدد رشيد له من الله حافظ فاسمعوا له، على أن يجتهدوا خلال الأيام الثلاثة في الاستماع إلى آراء المسلمين ويقومون بما يمكن تسميته باستطلاع الآراء ومشاورة جموع المسلمين، وإلا لكان يوم واحد كفيلا بأن تنجز مهمة اختيار الخليفة فيه.

هذا ما أوصى به عمر إلى المسلمين فكيف تمت أمور الانتخابات التي أوصلت عثمان إلى الحكم؟

مكان الاجتماع

اجتمع الرهط في بيت عائشة رضي الله عنها وقيل في بيت فاطمة بنت قيس الفهرية، وتداولوا الأمر فيما بينهم للنظر في أخطر قضية للمسلمين بعد وفاة عمر رضي الله عنه.

الجولة الأولى من الانتخابات

في بداية الاجتماع قال عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة لتضيق دائرة الانتخابات بين الثلاثة بدلا من ستة، فقال الزبير جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فأصبح المرشحون للخلافة ثلاثة (عثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف).

اختيار رئيس يدير عملية الانتخابات

وحينئذ رأى عبد الرحمن بن عوف أن يكون لعملية الانتخابات هذه رئيسا يكون الأمر إليه، ولكن من يكون هذا الأمير، هل يكون بالانتخاب هو الآخر؟ إنه على أية حال لا بد أن يكون واحدا من الستة الذين هم أهل الحل والعقد وأهل الشورى، فهدى الله عبد الرحمن بن عوف الذي وصفه عمر بأنه مسدد رشيد إلى قوله كما ذكر الإمام البخاري في صحيحه في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكل من عثمان وعلي: أيكما يتبرأ من هذا الأمر (يتنازل عنه) فنجعله إليه (فيكون مشرفا على عملية الانتخابات) والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن بن عوف: أفتجعلونه إلي ولله علي ألا آلو عن أفضلكما؟ قالا نعم. ثم أخذ عبد الرحمن رأي الثلاثة الذين تنازلوا عن الخلافة فيمن يختارون: عثمان أم عليا، فاختار طلحة وسعد عليا، فبان له أغلبية مصغرة في مجلس الانتخابات الجزئي، ثم أخذ عبد الرحمن على عاتقه مهمة التعرف على آراء الناس، فجعل يخالط الناس في المدينة من صحابة وأمراء الجنود، وأعراب وافدين على المدينة، وشملت مشاوراته النساء في خدورهن والصبيان والعبيد في المدينة فرأى أن معظم المسلمين يقدمون عثمان ومنهم من كان يشير بعلي رضي الله عنهما، حتى أسفرت أول عملية انتخابات عن فوز عثمان بالخلافة.

إعلان النتائج

اجتمع المسلمون جميعا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد مهيب، في صلاة الفجر ينتظرون البيان الذي يحدد الخليفة القادم، وسيكون المعلن هو عبد الرحمن بن عوف الذي لم ينم في الأيام الثلاثة إلا قليلا، فلبس العمامة التي عممه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل الشورى جالسون عند المنبر، والناس كلهم آذان مصغية. يروي البخاري في صحيحه: "فلما صلى الناس الصبح، واجتمع هؤلاء الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال: يا علي إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعل على نفسك سبيلا، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون". وكان علي أول من بايع عثمان بعد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين.


** لرضا عبد الواجد أمين مدرس مساعد الصحافة والإعلام بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر نقلا عن إسلام أون لاين.

[1]- البخاري 3/ 1349رقم 3486.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير