بشكل عام معظم الأصول (المحتوى) الدينية أو التاريخية والغوية هي ملك عام للجميع وليست لأحد ولهذا لا يمكن حمايتها كما لو كانت نصا كتبه شخص معين موجود وأنا (شخصيا) لا أعتقد أن هناك حاجة لحماية هذه النصوص من أن تعدل وتنشر معدلة فهذه ليست مشكلة ولكن المشكلة هي في ضمان مصداقية النقل عن أصول محددة وفق منظور الشخص أو الأشخاص الذين يسعون لبدء مشروع مفتوح يتضمن محتوى ذي خصوصية ثقافية ... وإذا أردنا البقاء داخل مظلة المصدر المفتوح فمن حق أي كان أن يعدل وينشر هذا التعديل وهذا يعني أنه لا يمكن حرمان أي جهة من أن تعدل المحتوى وفق المنظور الذي تريده ومن ثم نشر هذا الإصدار المعدل كما أنه لا يمكن حصر الحقوق بجهات محددة دون غيرها مهما كان المبرر وإلا اعتبر هذا انتهاكا لمفهوم المصدر المفتوح؟!
وتظهر المشكلة بشكل آخر في الأعمال التي يتم تطويرها بشكل جماعي من أشخاص متباعدين ليسوا على أية صلة ببعضهم وينتمون إلى مشارب شتى كما في [الموسوعة الحرة] وجميع تفرعاتها والعديد من المشاريع المماثلة التي تعتمد على الجهد الجماعي .. ورغم أن هذا يطرح إشكالية في مصداقية أجزاء هذا المنتج كل على حدة إلا أن مصداقيتها الكلية تبقى عالية على أقل تقدير في الأمور غير الخلافية والمشكلة ولا يمكننا القول بأن ENCARTA أو BRITANICA أكثر مصداقية من ويكيبيديا وهي موسوعات تنتجها جهات محددة ... ولكن هذا غير كاف في الأعمال الدينية أو التاريخية واللغوية ويمكنك تصفح جهود المتطوعين المترجمين في أرابايز لترى حجم المشكلة اللغوية في الجهد الجماعي.
أنا لست قانونيا وليست الغاية من هذه المقالة طرح حلول للمسألة ولكنني أعتقد أنه يمكن البقاء داخل مفهوم المصدر المفتوح مع تبني مفهوم محدد للمصداقية التاريخية سواء من خلال إيجاد قواعد صارمة لا تلغي مرونة المصدر المفتوح وتشترط المحافظة على المنظور العام للمطور الأول ولو أدى ذلك إلى فصل ترخيص البرمجية عن المحتوى الفكري الذي تتضمنه.
أو من خلال وضع جهة راعية للمنتج بحيث تراقبه وتحمي مصداقيته وهي كذلك تمنحه مصداقيتها بحيث يتم التطوير وفق منظور هذه الجهة إذا كان للمنتج أن يحمل سمة محددة كأن تكون اسما مثلا كما في ترخيص موزيلا أو أباتشي.
وفي هذه الحالة أعتقد أن هناك سؤالان رئيسيان: ====
* ما هو حجم العبء الذي تتحمله الجهة المصادقة في متابعة التطوير والإضافات وتدقيقها وأعتقد أن تجربة مجتمع المصادر المفتوحة أجابت عن هذا السؤال فمعظم هذا العبء سيحمله مجتمع المطورين والمستخدمين نفسه ولن تتم الحاجة لتدقيق اختصاصي مباشر من الجهة المصادقة إلا في حالات الاختلاف.
* السؤال الثاني التابع للأول كيف ستتم المصادقة على مصداقية التعديل وأعتقد أن الجواب هو نفسه أي من خلال قبول مجتمع المستخدمين والمطورين للتعديل على أنه مطابق للمنظور الأصلي للمنتج.
فمثلا لو أن هناك برنامجا تعليميا مفتوح المصدر أنتجته جامعة وجاءت جهة أخرى وأدخلت تعديلا على هذا البرنامج وقامت بتوزيعه ولم تجد الجامعة الأم أية إشكالية في انتشاره ألا يمكننا القول بأن هذه مصادقة عليه قام بها بالدرجة الأولى مجتمع المستهلكين الذي لم يجد تعارضا بين التطوير ومنظور الجامعة الأم.
بالطبع لن يعدم المجتمع المؤسسات والوسائل الكفيلة بضمان مرونة التطوير والرقابة ضمن بنية منظومة الاتصالات الحالية في حال كان المنتج يحظى باهتمامه وقبوله والأهم إيمانه بالمفهوم الذي يسعى المطور لتوسيعه ونشره والمحافظة عليه.
هذه مجرد قراءة أولية للحاجة لآليات ومظلة تدفع وتنظم الجهد الجماعي والحر الكامن في المجموع نحو تطوير أدوات معرفية نحتاجها لتطوير أنفسنا وعلمنا والأهم من ذلك إنسانيتنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.