و لا يُصار إلى شيءٍ من هذه الاختيارات إلا بتحقق شروط الدراسة البلاغية في مادة الدرس نفسها وفي الباحث, و في السياق المراد تناوله. وإذا لم يكن همُّ الباحث عقد الصلة بين الموضوع والسياق والغرض البلاغي والتركيب أو الأسلوب؛ فلن يزيد موضوعه على أن يكون فهرسة و تبويبا ونقلا لكلام السابقين في جداول مفهرسة كيفما اتفق! وما هكذا يكون الدرس البلاغي.
إن الدرس البلاغي التحليلي هو نتاج عكوفٍ طويلٍ على مادة العلم الأوليّة في مصادرها؛ لاستيعابها ومعرفة خصائصها البيانية حقّ المعرفة , ثم قراءة النصوص المقصودة بالدرس قراءة متأنيّة واعية, والتدسّس في زواياها؛للكشف عن دلالات تلك الصورة اللفظية التي جعلها البليغ دليلاً على مراده, ومحاولة تفسير الفروق الدقيقة بين السياقات في كلامه الذي يداخل كلامه أو كلام غيره؛ من المتشابهات أو المختلفات ... إلى ما هنالك مما تعرفه بطول التدبّر في كلام البلغاء, و أصول العلماء.
وخطة أي موضوع تابعةٌ لمادته؛ فأوّل الخطوات هي تحديد الموضوع المراد , ثم استقصاء آياته في الكتاب العزيز, ثم قراءة تفسيرها من جلّ كتب التفسير وخاصة التي تعنى بالجانب البلاغي, ثم تصنيف المادة العلمية على هَديٍ من الآيات وسياقاتها وتفسيرها البلاغي , ثم تراجع ـ مستعينًا بفهارس الكتب ـ ما كتبه عنها البلاغيون وغيرهم في مصادر البلاغة وغيرها ,التي استشهدت بتلك الآيات , مع الحرص على تدوين كل ما يجول في خاطرك وأنت تجمع الآيات و تحصيها , وكذلك تفعل وأنت تجمع المادة العلمية, وستظهر لك بعد قراءة أكثر هذه المادة ـ القضايا والموضوعات والأساليب والفنون البلاغية التي يحرص المؤلفون على الاهتمام بها في كتبهم , ويظهر لك من ذلك أيضًا نمط التفكير البلاغي الذي يدور حولها, وتستطيع اكتشاف الجوانب التي كثر فيها حديثهم , والجوانب التي تحتاج إلى إضافات منك و اجتهادات, وكلّ ذلك سيمدّك بعناوين رئيسة و عناوين تقع دونها؛ فإذا أحسنتَ الإصغاء إلي نصوص العلماء في موضوع بحثك كان ذلك خطتك؛فلا يمكن ـ أبدًا ـ الحديث عن خطة البحث قبل الشروع في الدخول في مضايقه و الكشف عن حقايقه.
وأقول: إن تقليب النظر في الموضوعات على آيات القرآن العظيم في ضوء أساليب البلاغة مجالٌ خصب لاستخراج آلاف الموضوعات؛ إذا تحققت الشروط الموضوعية والمنهجية للاختيار, وهذا منهل آخر لا يظمأ وارده!
وفقك الله وأعانك!
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[02 - 06 - 2008, 09:37 ص]ـ
أضيف أن المنهج الذي ارتضيته هو دراسة الموضوع دراسة بلاغية تحليلية، فهل يصلح هذا المنهج لهذا الموضوع؟ أو ربما يجب أن أسأل هل أصلح ...
أمّا المنهج؛فهو البلاغي, وهو قادرٌ بأدواته التي لا تُحصى, وباتّساع النظر إليه ليشمل كل العناصر اللغوية في النص, و كلّ ما يؤثر فيها وما تؤثرُ فيه, والسياق الجزئي, و الكلّي, وتطبيق الكلام مع الحال, والصورة, والفنون البلاغية, في كل المستويات اللغوية, ومراعاة المناسبات , وغير ذلك مما تقتضيه خصوصيات النصوص البلاغية, والربط بين الأساليب, والتراكيب, والأغراض ,والمعاني, على الوجه الذي تظهر به براعة الشعراء والبلغاء, وعقد الموازنات في سياقات مختلفة ـ كل ذلك قادرٌ على كشف بلاغة النصّ المراد درسُه.
و المنهجُ ـ أيَّ منهجٍ ـ يتفاوتُ الحكمُ عليه بتفاوت مَلَكَات الدارسين فيه؛ فهو أداةٌ تَكمُل بكمال تلك الملكات, وتنقص بنقصها!
وفقكم الله و سدّد منهجكم!
ـ[سمير العلم]ــــــــ[02 - 06 - 2008, 06:05 م]ـ
أمّا المنهج؛فهو البلاغي, وهو قادرٌ بأدواته التي لا تُحصى, وباتّساع النظر إليه ليشمل كل العناصر اللغوية في النص, و كلّ ما يؤثر فيها وما تؤثرُ فيه, والسياق الجزئي, و الكلّي, وتطبيق الكلام مع الحال, والصورة, والفنون البلاغية, في كل المستويات اللغوية, ومراعاة المناسبات , وغير ذلك مما تقتضيه خصوصيات النصوص البلاغية, والربط بين الأساليب, والتراكيب, والأغراض ,والمعاني, على الوجه الذي تظهر به براعة الشعراء والبلغاء, وعقد الموازنات في سياقات مختلفة ـ كل ذلك قادرٌ على كشف بلاغة النصّ المراد درسُه.
و المنهجُ ـ أيَّ منهجٍ ـ يتفاوتُ الحكمُ عليه بتفاوت مَلَكَات الدارسين فيه؛ فهو أداةٌ تَكمُل بكمال تلك الملكات, وتنقص بنقصها!
وفقكم الله و سدّد منهجكم!
لقد كَثُرَتْ عندي صنائعُك التي = يُقصِّرُ عنها الشكر، فلتقبل العُذرا
له أخ جاش به الصدر، ثم ضل طريقه.:)
ـ[أشواااق]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 12:01 ص]ـ
مدارالبحث عن الذاتية عند أحد شعراء العصر العباسي الثالث ... ولكم أجزل التحايا
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 03:25 ص]ـ
حيّاك الله أبا سهيل.
أهذه لي أم لأستاذ الشعراء؟:) ,إذا كانت له فجزاك الله خيرا, وإن كانت لي فجُزيتَ الخير أخرى!
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
ووفقكم وأعانكم وأرشدكم للخير وما فيه صلاح الدارين
إن كانت أعانكم الله الأولى لأستاذ الشعراء
فأعانكم الله ثم أعانكم الله ثم أعانكم الله لأستاذ أستاذ الشعراء:)
فلا ينكر والله جهدكم إلا جاحد
دمت شيخنا بخير وعافية
¥