أنا لا ألقي العتب عليه ولا اللوم؛ ففضله علي كبير، أنما عزّ على النفس ألا يكون لموضوعي أهمية تذكر، ويصعب عليها أن تزرع ثم تجني ثمرا لايؤكل!.
فبتّ بين خوفين:
خوف من أن أستمر في الموضوع وهو عقيم لا يقدم جديدا ينفع اللغة العربية وأهلها.
وخوف من نقْض الغزْل من بعد قوة، ومن إضاعة الوقت،وتبديد الجهد.
وإن كنت على يقين بأن قضاء الوقت وإفناءه في العلم ليس إضاعة له، وأنّ النظر في موضوع آخر ليس تبديد للجهد الأول، إنما هو جمعٌ لتجربتين وتحصيلٌ لفائدتين.
لكن الوقت في دراستنا محسوب علينا وملزمون به، وهذا ما يعزز خوفي الثاني.
وكما قلتَ:
ولما ازداد الأمر بيانا بمشورتكم، وصدق حدسي،وتحقق شعوري بأن لا جِدّة في الموضوع ولا ابتكار فاتحت مرشدي للمرة الثانية، وكان في الأولى قد ردّ بأن طالب الماجستير ليس مطالبا بالإتيان بجديد، فلو جمع آراءً متفرقة أو مسائل معينة وأعمل فيها عقله بشيء من الدراسة عُدّ له هذا بحثا.
وفي المرة الثانية كان من بين أقواله: لك حرية القرار والاختيار، فإن أحببتِ اختيار موضوع آخر أو حتى اختيار مشرف آخر فالأمر إليكِ.
ما أراني الآن إلا في مأزق ودوامة تخلصني منها بعد الله عاطر إرشاداتك أستاذي وجميل مقترحاتك، منتظرةً بشوق:
هذا من جهة أما من الجهة الأخرى (دلالة السياق) فسأنظر في الأمر لو غيرت الموضوع لكني ابتداء لا أعرف الكثير عن علم الدلالة، ولا أتقنه، وتفوتني كثير من مسائله، وأحتاج إعادة تأهيل لأقف على رجليّ فيه.
ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
أخيرا أعتذر على الإطالة، وأطلب المولى أن يتولاكم برحمته ويمنّ عليكم بنعمته ويسكنكم أعلى جنته.
أختي الكريمة:
لست في مأزق , ولست مضطرة ـ بتوفيق الله ـ إلى نقض غزلك؛ فتأمّلي معي ـ باركك الله ـ في فقرتك التي لونتها بالأخضر؛ فهي التي ستخرجك من حيرتك وتبعث فيك روح التفاؤل بإنجاز بحث جديد , وإن كان مرشدك على حق في أن طالب الماجستير لا يشترط في بحثه أن يأتي بجديد, لكن هذا القول ليس على إطلاقه ,فإني أرى أن الإتيان بجديد ممكن لكل طالب علم ,وهو مطمح لا ينبغي التخلي عنه!
أختي الكريمة:
لو دققتِ النظر في عبارتك الملونة؛فإنها سترشدك إلى بحثك الجديد المفيد!
فلِمَ لا يكون عنوان بحثك:
الاستشهاد بالشعر عند المعجميين
سماته، وأغراضه، وحدوده، و معاييره النقدية
فكّري في توسيع هذه الفكرة التي ترينها إضافة جديدة واجعليها محور اهتمامك ,و اطّرحي الأفكار التي ترينها غير جديدة ولا مفيدة ,ولا تلقي لها بالا, وستخرجين ببحث قيم , دون إضاعة الوقت أو الجهد!
فاجعلي همّك في بناء البحث على هذه الجوانب فقط؛ لتكون هي بحثك.
و من حقّ الباحث أن يحدد ميدان بحثه في مقدمته , وأن يبيّن ما يأتي وما يدَع , و ليس لأحد ـ بعد ذلك ـ أن يلزمه بغير ما ألزم به نفسه!
لا يتطلّب الأمر أكثر من إعادة النظر في المادة وتبويبها من جديد مع إضافات في الجمع والتصنيف؛ فإذا بدا لك بعد ذلك أنه يكوّن بحثا مستقلا فلا تترددي في تسجيله. واعلمي أن الرسالة العلمية ليست بحجمها بل بقيمة الفكرة التي تقدمها!
وأعتذر عن تأخري الذي أطال مدة حيرتك.
فانظري ـ رعاك الله ـ في هذا ,ثم اكتبي ما انتهيتِ إليه فيه؛ لأكون عونا لك في ذلك.
وفقك الله وأعانك.