تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الذي صححه ابن حجر نسَبَه كثير من العلماء إلى الإمام البخاري t. وأثبت ابن حجر أن البخاري تابع فيه شيخه علي بن المديني T حيث قال: (وقد وجدت ما جزم به البخاري من تعريف الصحابي في كلام شيخه علي بن المديني فقرأت في المستخرج لأبي قاسم بن منده بسنده إلى أحمد بن يسار الحافظ المروزي قال: سمعت أحمد بن عتيك يقول: قال علي بن المديني: من صحب النبي ? ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي ?) ().

وأرى أن هذا التعريف الذي ذكره ابن حجر هو أرجح التعاريف لما يلي:

أولاً: لأنه يتماشى مع المدلول اللغوي لكلمة الصحبة, ولا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره إلا عند وجود مقتضى لذلك من نص أو مانع, لا وجود لشيء من ذلك كله.

ثانياً: لأنه قول جهابذة السنة وعلماء الأمة ممن لا يعدل قولهم قول غيرهم ممن خالفهم.

ثالثاً: لأن التوسع في إطلاق الصحبة يرى فيه العلماء وجهاً من وجوه الثناء على رسول الله ? وتقديراً لمكانته ? حق قدرها, قال ابن الصلاح: (بلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثاً أو كلمة ويتوسعون حتى يعدوا من رآه رؤية من الصحابة, وهذا لشرف منزلة النبي ? أعطوا كل من رآه حكم الصحبة) ().

رابعاً: إن الأقوال الأخرى غير جامعة لكل من تشرف بلقاء النبي ? أو رآه ولو مرة, لأنها اشترطت طول المجالسة أو الغزو معه أو الرواية عنه ? وهذه الأمور لم تتحقق لكثير ممن وصفوا بالصحبة, كالعميان والأحداث من الصحابة ?.

ثم إن الصحبة تكريم من الله لجماعة من البشر اختارهم سبحانه ليكونوا معية رسول الله ? والنقلة لكل أحداث عصر النبوة. كما إن الجرح والتعديل بتطبيقهم لقواعد النقد العلمي الصحيح لم يعثروا على ما يمكن أن يكون مخلاً بعدالة أي شخص ثبت أنه رأى أو لقي النبي ? مسلماً ومات على الإسلام.

ثانياً: طبقات الصحابة

حينما نقول أن كل من رأى النبي ? مؤمناً به ومات على الإيمان فان له شرف الصحبة, وما يلزم منها من العدالة ودخولهم الجنة بوعد الله تعالى لهم بقوله: ? لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاَّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ???? ? () فليس معنى هذا أن الصحابة كلهم على مرتبة واحدة, بل هم على طبقات ودرجات, حددها عدل الله سبحانه وتعالى. إذ فيهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار, وفيهم من تلوهم وتبعوهم بإحسان, فكان لابد أن يتفاوتوا في الفضل والمرتبة والزلفى عند الله تعالى, لذلك رتبهم العلماء الذين اعتنوا بهم إلى طبقات, وقد اختلفوا في ترتيب تلك الطبقات باعتبارات مختلفة.

فقسمهم ابن سعد في طبقاته على حسب القدم والمشاهد إلى خمس طبقات, هي ():

الأولى: البدريون من المهاجرين.

الثانية: البدريون من الأنصار.

الثالثة: الذين لم يشهدوا بدراً ولهم إسلام قديم.

الرابعة: الذين أسلموا قبل الفتح.

الخامسة: الذين أسلموا بعد الفتح.

ورتبهم الحاكم إلى اثنتي عشرة طبقة () وهي كالآتي:

الأولى: قوم أسلموا بمكة مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضي الله عنهم.

الثانية: أصحاب دار الندوة.

الثالثة: المهاجرون إلى الحبشة.

الرابعة: الذين بايعوا النبي ? عند العقبة.

الخامسة: أصحاب العقبة الثانية.

السادسة: أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله ? وهو بقباء قبل أن يدخل المدينة ويبني المسجد.

السابعة: أهل بدر الذين قال رسول الله ? فيهم: ((لعل الله أطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم)) ().

الثامنة: المهاجرون الذين هاجروا بين بدر والحديبية.

التاسعة: أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم قوله ? لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ? ().

العاشرة: المهاجرة بين الحديبية والفتح, منهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو هريرة ().

الحادية عشرة: الذين أسلموا يوم الفتح وهم جماعة من قريش.

الثانية عشرة: صبيان وأطفال رأوا رسول الله ? يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير