تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما أشار بعض الصحابة ? على عثمان بقتل هؤلاء الخارجين قال: (ان رحى الفتنة دائرة فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها) ().

• خلوهم من الكذب

وللصحابة رضوان الله عليهم ميزة أخرى لم يكونوا ليفرطوا فيها وكان لها أثر كبير في حفظ السنة النبوية المطهرة, فقد كانوا صادقين في كل شؤونهم لا يكذبون مهما كانت الظروف مما جعل بعضهم يحدث عن بعض من دون أن يختلج في نفوسهم هاجس تكذيب بعضهم بعضا.

فعن البراء بن عازب ? قال: (ليس كلنا كان يسمع حديث النبي ? فقد كانت لنا صنعة وأشغال ولكن كان الناس لا يكذبون فيحدث الشاهد الغائب) ().

وروي عن قتادة أن انس ? حدث بحديث فقال رجل: أسمعت هذا من رسول الله ?؟ قال نعم أو حدثني من لم يكذب , والله ما كنا نكذب ولاكنا ندري ما الكذب ().

فما يراد لكي يُعدل الرجل أكثر من حرص مطلق على السنة النبوية وقلب خالٍ تماماً من الأمراض والأهواء وصدق ليس له نظير, وكل هذه الصفات كانت قائمة في الصحابة ? على أكمل وجه وأحسنه. ولو أردنا أن نتعرض لصفات الخير كلها لما وسعنا المجال ففقد كانوا يشدون الرحال أياماً وأسابيع وراء حديث يبلغهم عن رسول الله ? لكي يسمعوه ممن سمعه من رسول الله ? مباشرة وكانوا يبذلون أموالهم وأرواحهم في سبيل الله راضية نفوسهم بذلك, أفلا يستحقون أن يكونوا عدولاً بعد كل هذا؟.

وبعد أن تعرضنا لأدلة عدالة الصحابة? من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ومن خلال سيرتهم وسجاياهم هل يسع أحداً بعد كل هذا أن يتناول الصحابة? بلسانه وقلمه مدعياً النزاهة والمنهجية العلمية ولست أدري منذ متى كانت المنهجية قائمة على السباب والطعن الفاحش من غير بيان ولا برهان. إننا لكي ندعي الالتزام بمنهج الإسلام يجب أن نكون عالمين أن (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) () وأن المسلم يجب أن يلتمس لأخيه العذر مهما كان الذي بدر منه ما لم يكن كفراً بواحاً.

وفي هذا الصدد يقول ابن تيمية رحمه الله: (فإن باب الإحسان إلى الناس والعفو عنهم مقدم على باب الإساءة والانتقام ... فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة فإذا كان هذا في حق آحاد الناس فالصحابة أولى أن يسلك بهم هذا فخطأ المجتهد في الإحسان إليهم بالدعاء والثناء عليهم والذب عنهم خير من خطئه في الإساءة إليهم باللعن والذم والطعن وما شجر بينهم غايته أن يكون ذنباً والذنوب مغفورة بأسباب متعددة هم أحق بها ممن بعدهم. وما نجد أحداً يقدح فيهم إلا ويعظم من هو دونهم ولا نجد أحداً يعظم شيئاً من زلاتهم إلا وهو يغض عما هو أكبر من ذلك من زلات غيرهم وهذا من أعظم الجهل والظلم) ().

الباب الأول

الفصل الثالث

اختلاف الصحابة

• تمهيد

• اسباب اختلاف الصحابة?

• موقف علماء الأمة من اختلاف الصحابة ?

• الآثار الناتجة عن اختلاف الصحابة?

تمهيد

إن دراسة الاختلافات التي جرت بين الصحابة? - لاسيما السياسية منها- على جانب كبير من الصعوبة ويتطلب الكثير من الجهود للوقوف على الحقائق المتعلقة بها أو الاقتراب على الأقل. وتأتي هذه الصعوبة من كون أن عامة الاختلافات السياسية التي وقعت بين الصحابة? كان أهل البيت يمثلون أحد طرفيها, مما جعل القضية بمرور الزمن تأخذ طابع التحزب في عيون أشياعهم وفي عيون كثير من العامة , فتدخلت عواطف الناس في الحكم على الأشياء وأصبح كل من يقف في وجه أهل البيت أو تهاون في مناصرتهم -بغض النظر عن دوافعه ودواعيه- مجرماً يستحق السباب والشتم واللوم والتقريع. بينما أصبح الذين شايعوا أهل البيت على درجة كبيرة من الحظوة لدى الكثير من أبناء الأجيال اللاحقة.

وجرى كثير من المؤرخين على هذا المنوال. يقول الدكتور أحمد شلبي في أثناء كلامه على تاريخ الدولة الأموية: (لقد تحالفت ظروف كثيرة على الحط من شأن الأمويين بقصد أو بدون قصد وتكاد المراجع التي بين أيدينا تخلو خلواً تاماً من كلمة مدح أو ثناء على أكثر خلفاء هذه الدولة, أما عبارات القذف والطعن فقد أسهبت فيها كتب كثيرة واقتصدت كتب أخرى, وكان أسرها من اكتفى باللوم والتقريع) (). والسبب الحقيقي لهذا الغمط والغبن هو وقوف بعضهم أمام أهل البيت في يوم من الأيام في حين إن الحضارة الإسلامية عاشت عهداً ذهبياً أبان الحكم الأموي يشهد على ذلك صروح الحضارة في دمشق والأندلس وغيرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير