تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قيل للمهلب بن أبي صفرة (): ما أعجب ما رأيت في حرب الأزارقة. فقال: فتى كان يخرج إلينا منهم في كل غداة فينشد:

وسائلة بالغيب عني ولو درت مقارعتي الأبطال طال نحيبها

إذا ما التقينا كنت أول فارس يجود بنفس أثقلتها ذنوبها

ثم يحمل فلا يقوم له شيء إلا أقعده فإذا كان من الغد عاد لمثل ذلك ().

ونحن إذ نصف هذه الصفات للخوارج ونقرر أنهم لم يكونوا متهمين في دينهم ومقاصدهم وأنهم لم يكونوا أعداء مباشرين للإسلام والمسلمين بطريق مباشرة فإنهم بتمسكهم الشديد بآرائهم وسطحيتهم في فهم تعاليم الدين قد آل أمرهم ليصبحوا أعداء خطرين للإسلام والمسلمين إذ ابتدعوا في الدين ما ليس منه واستباحوا دماء المسلمين وأموالهم وأعاقوا نشاط الدولة الإسلامية ردحاً من الزمن () وتسببوا في هدر الكثير من الجهود والطاقات التي كان من الممكن الاستفادة منها في الجهد العام في بناء الدولة والمجتمع الإسلامي المنشود.

فرق الخوارج وآراءهم

قبل الكلام عن فرق الخوارج يجدر بنا أن نتعرف على ما يجمع فرقهم من عقائد وآراء.

لقد اجتمعت فرق الخوارج على عدة مسائل على الرغم من اختلافاتها فيما بينها () وهي:

1 - إجماعهم على أن الخليفة لا يون إلا بالانتخاب الحر الصحيح يقوم به عامة المسلمين لا فريق منهم ويستمر الخليفة في منصبه ما دام قائماً بالعدل مقيماً للشرع فإن تنكب لذلك وجب عزله.

2 - إن الخليفة لا يختص به بيت من بيوت المسلمين , فكل من توفرت فيه شروط الإمامة جاز له ذلك سواء أكان من قريش أو من سواها.

3 - مما أجمعت عليه الخوارج أيضاً تكفير علي وعثمان والحكمين وأصحاب الجمل, عائشة وطلحة والزبير وكل من رضي بالتحكيم.

4 - أجمعت الخوارج سوى الإباضية على اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً مخلداً في نار جهنم.

قلنا فيما سبق عند الكلام على صفات الخوارج (إنهم يتميزون بالفردية وضعف الروح الجماعية , ومن شأن هذه الصفة أن تبعث على التفرق والتمزق. من أجل هذا انقسم الخوارج إلى فرق عديدة () , وصارت إمكانية حصر فرقهم مسألة صعبة, مما أدى إلى اختلاف علماء الفرق في بيان فرقهم وبيان عددها. لكنهم اتفقوا على أنهم لا يقلون عن عشرين فرقة.

لذا فإنا سوف نذكر فرق الخوارج أصولاً وفروعاً ونحن مقتفين أثر الشهرستاني في ذلك لما له من سابقة في هذا المضمار لوضوح تقسيماته وبساطتها:

وعليه يمكن تقسيم فرق الخوارج كالاتي:

(المحكمة الأولى () والأزارقة () والنجدات () والبيهسية () ومن البيهسية فرقة تسمى العونية) () وهي فرقتان , ومنهم أصحاب التفسير () ومنهم أصحاب السؤال () والعجاردة () , وقد افترقت بدورها إلى: الصلتية () والحمزية () والخلفية () والميمونية () والأطرافية () والشعبية () والخارمية () والثعالبة () , وتنقسم الثعالبة إلى فرق وهي: الأخنسية () و والمعبدية () والرشدية () والشيبانية () والمكرمية ())

الأزارقة

وهم أتباع راشد بن نافع بن الأزرق الحنفي , وهم من أكبر فرق الخوارج عدداً وأشدهم شوكة () وأعظمهم خطراً على المسلمين, خرجوا مع نافع من البصرة إلى الأهواز فغلبوا عليها وعلى فارس, وقد هزموا كثيراً من جيوش المسلمين, تصدى لهم البطل المغوار المهلب بن أبي صفرة اختاره أهل البصرة ليذود عنهم وعن حرمهم, ثم أقره ابن الزبير على حربهم وبعد ابن الزبير أقره عبدالملك بن مروان والحجاج. وقد استمرت الحروب بين الأزارقة والمهلب تسعة عشر عاماً. ولولا بطولة المهلب وانقسام الأزارقة على أنفسهم لما انقضت حربهم بالفترة التي انقضت فيها ().

وقالوا (الدار دار كفر إلا من أظهر إيمانه ولا يحل ذبائحهم ومناكحتهم ومواريثهم وهم ككفار العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ولا يحل القعود عن الجهاد. والقَعَدَة كفار) ().

وذكر الشهرستاني عقائدهم فيقول: إن أهم بدعهم هي ():-

1 - تكفير سواهم من المسلمين.

2 - تكفير القعدة.

3 - إباحة قتل أطفال المخالفين ونساءهم.

4 - إسقاط الرجم عن الزاني إذ ليس في القرآن ذكره.

5 - الحكم بأن أطفال المشركين في النار مع آبائهم.

6 - التقية غير جائزة قولاً وعملاً.

7 - تكفير من ارتكب الكبيرة.

ويضيف الشهرستاني إلى بدعهم هذه بدعة جديدة , فيقول: (واستحلوا كفر () الأمانة التي أمر الله تعالى بأدائها. وقالوا إن مخالفينا مشركين فلا يلزمنا أداء أماناتنا إليهم) ().

النجدات:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير