تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وإنكار ما أنزل الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إنكار لكل الرسالات، وطعن في ذات الله جل جلاله، وهم بهذا ما قدروا الله حق قدره: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 91].

قال ابن أبي العز في كتابه "شرح العقيدة الطحاوية": (بل إنكار رسالته صلى الله عليه وآله وسلم طعن في الرب تبارك وتعالى، ونسبته إلى الظلم والسفه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل جحد للرب بالكلية وإنكار) [ص: 153]، ثم بين ذلك بالأدلة والبراهين، رحمه الله.

ومن المعلوم أن القرضاوي لبّس على المسلمين في كون النصارى أهل كتاب، وقال: (ونناديهم بأهل الكتاب)، كأنه يستثقل نعتهم بالكفر، وبأن الإسلام: (يدعو إلى التسامح مع هؤلاء الناس، وأباح مؤاكلتهم ومصاهرتهم والتزوج منهم ... )، على حد قوله.

ومن المعلوم لدى صغار طلبة العلم أن كون اليهود والنصارى أهل كتاب، لا يعني بحال من الأحوال الشرعية أنهم مؤمنون بالله، بل قد صرح القرآن بأن من أهل الكتاب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر مع كونهم من أهل الكتاب؛ وذلك في قوله سبحانه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، وهذا صريح جداً، خاصة إذا علمنا أن الآية نزلت في محاربة الروم، فغزا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزولها غزوة تبوك [تفسير الطبري للآية].

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: (فهم في نفس الأمر لما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد الرسل ولا بما جاءوا به وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه، لا لأنه شرع الله ودينه، لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانا صحيحاً لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، لأن جميع الأنبياء بشروا به وأمروا باتباعه. فلما جاء كفروا به وهو أشرف الرسل عُلم أنهم ليسوا متمسكين بشرع الأنبياء الأقدمين لأنه من الله. بل لحظوظهم وأهوائهم فلهذا لا ينفعهم إيمانهم ببقية الأنبياء وقد كفروا بسيدهم وأفضلهم وخاتمهم وأكملهم، ولهذا قال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}).

قلتُ: ولئن ادعى أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر، فليس هو الإيمان المعتبر شرعاً، هم مؤمنون بزعمهم، لكنهم كافرون في شرعنا، والعبرة بما عندنا لا بما يأفكون.

وطبعاً القرضاوي لا يحب الكلام في الجزية وأحكامها ولا في مشروعيتها إبقاءً على مودته للنصارى، وخصوصاً أقباط مصر الذين تربطه بهم مودة المواطنة، وعذوبة النيل.

وقد يقول المفتونون به: ليس الوقت وقته!

ونقول: بل وقته، والإسلام كله صالح للزمان كله والمكان كله إلى قيام الساعة، وإلا، هل الوقت وقت المرأة القاضية في الإسلام؟ فأين الإسلام؟ ولماذا الدندنة حول الملكة بلقيس يوم أن كانت كافرة، وقبل أن تسلم وجهها لله مع سليمان عليه السلام؟ بل لماذا ولاية المرأة بما كان في شريعة من قبلنا المنسوخة بشريعتنا؟

وفي كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى [جاء في الصفحة 215 منه] قوله: (وإذا كانت المشابهة في القليل ذريعة ووسيلة إلى بعض هذه القبائح كانت محرمة، فكيف إذا أفضت إلى ما هو كفر بالله؟ من التبرك بالصليب - قلت: فالتبرك بالصليب إيمان بهذا الصليب، وهو تكذيب مباشر لرب العالمين، فهل هو إلا الكفر بالله كما قال شيخ الإسلام؟ - ... والتعميد في المعمودية، أو قول القائل "المعبود واحد، وإن كانت الطرق مختلفة" ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن: إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المبدّلتين المنسوختين موصلة إلى الله، وإما استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله، والتدين بذلك أو غير ذلك مما هو كفر بالله وبرسوله وبالقرآن وبالإسلام بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك؟).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير