[أخصر المختصرات بتحقيق محمد ناصر العجمي]
ـ[ aboumalik] ــــــــ[10 - 11 - 03, 12:33 ص]ـ
هذه النسخة وجدتها في ملتقى أهل الفقه , فأحببت أن أشارك بها هنا في ملتقاقنا المبارك.
أخصر المختصرات
كِتَابُ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ
تَقْدِيمُ حَضْرَةِ صَاحِبِ اَلْفَضِيلَةِ اَلْعَلَّامَة
اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْجَرَّاحُ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى آلَائِهِ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ, وَمَنْ اِهْتَدَى بِهَدْيِهِ.
وَبَعْدُ:
فَإِنَّ اَلتَّفَقُّهَ فِي اَلدِّينِ مِنْ أَشْرَفِ اَلْعُلُومِ وَأَجَلِّهَا, وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ; لِيَعْبُدَ اَللَّهَ عَلَى عِلْمٍ, وَفِي "اَلصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ t قَالَ: , قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r مَنْ يُرِدِ اَللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ - ().
فَقَدْ أَفَادَ هَذَا اَلْحَدِيثُ اَلشَّرِيفُ أَنَّ اَلتَّفَقُّهَ فِي اَلدِّينِ جِمَاعُ اَلْخَيْرِ وَعُنْوَانُ اَلسَّعَادَةِ بِتَوْفِيقِ اَللَّهِ وَرِضَاهُ, قَالَ اَلْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ-: "لَا يُثَبِّطُ () عَنْ طَلَبِ اَلْعِلْمِ إِلَّا جَاهِلٌ". وَهَذِهِ اَلْكَلِمَةُ غَايَةٌ فِي ذَمِّ اَلْجَهْلِ وَقُبْحِهِ.
وَقَالَ اِبْنُ اَلْجَوْزِيِّ: "لَا يَخْفَى فَضْلُ اَلْعِلْمِ بِبَدِيهَةِ اَلْعَقْلِ; لِأَنَّهُ اَلْوَسِيلَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ اَلْخَالِقِ وَسَبَبُ اَلْخُلُودِ فِي اَلنَّعِيمِ اَلدَّائِمِ, وَلَا يُعْرَفُ اَلتَّقَرُّبُ إِلَى اَلْمَعْبُودِ إِلَّا بِهِ, فَهُوَ سَبَبٌ لِمَصَالِحِ اَلدَّارَيْنِ". وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "إِذَا اِسْتَرْذَلَ اَللَّهُ عَبْدًا زَهَّدَهُ فِي اَلْعِلْمِ".
وَقَالَ اِبْنُ عَطَاءِ اَللَّهِ: مَتَى وَفَّقَكَ لِلطَّلَبِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَكَ. هَذَا وَلَمَّا رَأَى اَلشَّيْخُ اَلْفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيُّ أَنَّ أَسْهَلَ كِتَابٍ يَبْدَأُ بِهِ اَلْمُتَفَقِّهُ فِي اَلدِّينِ عَلَى مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هُوَ أَخْصَرُ اَلْمُخْتَصَرَاتِ; لِأَنَّهُ سَهْلُ اَلْعِبَارَةِ, وَاضِحُ اَلْمَعَانِي, بِعِبَارَتِهِ اَلْوَجِيزَةِ, مَعَ مَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ وَفَوَائِدَ قَدْ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ, وَهُوَ مِنْ اَلْكُتُبِ اَلْمُعْتَمِدَةِ فِي اَلْمَذْهَبِ عِنْدَ اَلْأَصْحَابِ.
فَلَمَّا أَعْجَبَتْ اَلشَّيْخَ اَلْأَدِيبَ تِلْكَ اَلْمَعَانِي اَلسَّامِيَةُ اَلَّتِي اِنْفَرَدَ بِهَا هَذَا اَلْمُخْتَصَرُ عَنْ غَيْرِهِ, قَامَ وَشَدَّ اَلْمِئْزَرَ, وَجَدَ وَاجْتَهَدَ كَعَادَتِهِ اَلْحَمِيدَةِ فِي مُسَابَقَتِهِ إِلَى نَشْرِ اَلْفَضِيلَةِ; لِيَطْبَعَهُ طَبْعَةً جَدِيدَةً تَلِيقُ بِهِ. فَبَدَأَ يُفَتِّشُ فِي خَبَايَا اَلزَّوَايَا, وَيَبْحَثُ عَنْ مَخْطُوطَةٍ مُتْقَنَةٍ ; لِيَكُونَ اَلطَّبْعُ عَلَيْهَا صَحِيحًا, وَبِحُسْنِ نِيَّتِهِ فِي إِخْلَاصِ عَمَلِهِ وَقَفَ -بِتَوْفِيقِ اَللَّهُ تَعَالَى- عَلَى ضَالَّتِهِ اَلْمَنْشُودَةِ, أَلَا وَهِيَ اَلْمَخْطُوطَةُ اَلَّتِي خَطَّهَا اَلْمُصَنُّفُ بِيَدِهِ, فَقَامَ -حَامِدًا لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ- فَطَبَعَ عَلَيْهَا هَذِهِ اَلطَّبْعَةَ اَلْمُتْقَنَةَ اَلْبَالِغَةَ فِي اَلصِّحَّةِ غَايَتَهَا, وَزَيَّنَهَا مَعَ جَمَالِهَا بِمَا ضَمَّهُ إِلَيْهَا مِنْ حَوَاشٍ وَفَوَائِدَ قَيِّمَةٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ, وَوَشَّحَهَا بِصُوَرٍ مِنْ خَطِّ مُؤَلِّفِهَا, ثُمَّ جَلَّاهَا لِكُلِّ مُحِبٍّ لِلْعِلْمِ, فَجَزَاهُ اَللَّهُ خَيْرًا, وَشَكَرَ سَعْيَهُ, وَأَدَامَ تَوْفِيقَهُ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.
¥