لَمَّا كَانَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ فِي بَلْدَتِهِ دَوْمًا تَوَلَّى اَلتَّدْرِيسَ, وَكَانَ مِمَّا دَرَّسَهُ بَعْضَ كُتُبِ اَلْحَنَابِلَةِ, وَاَلَّتِي مِنْهَا كِتَابِ "شَرْحِ مُنْتَهَى اَلْإِرَادَاتِ" لِلْبَهُوتِي, يَقُولُ اِبْنُ بَدْرَانَ: ". . . وَلَقَدْ كُنْتُ فِي حُدُودِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثمِائَةٍ بَعْدَ اَلْأَلْفِ أَقَمْتُ مُدَّةً فِي قَصَبَةٍ دُومَا دِمَشْقَ فَأَقْرَأْتُ هَذَا اَلشَّرْحِ, وَكَتَبْتُ عَلَيْهِ حَاشِيَةً وَضَعْتُهَا أَثْنَاءِ اَلْقِرَاءَةِ, وَصَلْتُ فِيهَا إِلَى بَابِ اَلسَّلَمِ, فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ, ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ, وَهُنَالِكَ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَطْلُبُ اَلْعِلْمَ مِنْ اَلْحَنَابِلَةِ, بَلْ يَنْدُرُ وُجُودُ حَنْبَلِيٍّ بِهَا. . . " ()
وَكَانَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ عُضْوًا فِي شُعْبَةِ اَلْمَعَارِفِ فِي دُومَةَ, وَعُيِّنَ مُصَحِّحًا وَمُحَرِّرًا بِمَطْبَعَةِ اَلْوِلَايَةِ وَجَرِيدَتِهَا () كَمَا أَنَّهُ اِشْتَرَكَ فِي عَهْدِ اَلْأَتْرَاكِ بِتَحْرِيرِ جَرِيدَةِ اَلْمُقْتَبَسِ () وَكَتَبَ فِي صُحُفِ دِمَشْقَ كَالْمِشْكَاةِ وَالشَّامِ وَالْكَائِنَاتِ وَالرَّأْيِ اَلْعَامِّ () وَفِي 9 تِشْرِينَ اَلثَّانِي سَنَةً 1909 م أَيْ سَنَةَ 1329هـ أَنْشَأَ مَجَلَّةَ "مَوَادَّ اَلْحِكْمَةِ" ()
ثُمَّ اِشْتَغَلَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بِالتَّدْرِيسِ وَالْعِلْمِ, فَكَانَ يُدَرِّسُ فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ, قَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيِّ: "وَأَقَامَ أَكْثَرَ حَيَاَتِهِ يُدَرِّسُ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ " () فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ اَلتَّفْسِيرَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ. . . " () وَكَانَ مِمَّا دَرَّسَهُ كِتَابُ "عُمْدَةِ اَلْأَحْكَامِ " لِلْحَافِظِ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ اَلْمَقْدِسِيِّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - حَيْثُ يَقُولُ: ". . . وَقَدْ كُنْتُ طَالِعْتُهُ قَدِيمًا أَثْنَاءِ اَلطَّلَبِ, ثُمَّ إِنِّي كُنْتُ مِمَّنْ وَلِعَ فِي هَذَا اَلْكِتَابِ, وَقَرَأْتُهُ فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ () تحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ. . . " ()
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدُ بَهْجَةَ اَلْبَيْطَارُ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى -: "وَكَانَ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - يَقْرَأُ دَرْسًا عَامًّا فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ يَمِيلُ فِيهِ إِلَى اَلتَّجْدِيدِ وَالْفَلْسَفَةِ " ().
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزَّرْكَلِيُّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ -: "وَلِيَ إِفْتَاءَ اَلْحَنَابِلَةِ, وَانْصَرَفَ مُدَّةً إِلَى اَلْبَحْثِ عَمَّا بَقِيَ مِنْ اَلْآثَارِ فِي مَبَانِي دِمَشْقَ اَلْقَدِيمَةِ, فَكَانَ أَحْيَانًا يَسْتَعِيرُ سُلَّمًا خَشَبِيًّا, وَيَنْقُلُهُ بِيَدَيْهِ لِيَقْرَأَ كِتَابَةً عَلَى جِدَارٍ أَوْ اِسْمًا فَوْقَ بَابٍ " ()
قُلْتُ: وَالسَّبَبُ فِي اِنْصِرَافِهِ إِلَى هَذَا اَلْعَمَلِ, أَنَّ قَاضِيَ دِمَشْقَ اَلشَّيْخَ عَبْدَ اَلْمُحْسِنِ اَلْأُسْطُوَانِيَّ ().
كَلَّفَ لَجْنَةً عَلَى رَأْسِهَا اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ لِلطَّوَافِ عَلَى مَدَارِسِ دِمَشْقَ وَوَصْفِ حَالَتِهَا, وَمَا فِيهَا مِنْ اَلطُّلَّابِ, وَمَا قَدْ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ إِصْلَاحٍ وَتَرْمِيمٍ فَقَامَتْ اَللَّجْنَةُ بِالْعَمَلِ اَلْمُكَلَّفَةِ بِهِ, وَقَدَّمَتْ اَلتَّقْرِيرَ إِلَى اَلْقَاضِي فِي 18 صَفَرَ سَنَةَ 1328 هـ () وَالسَّبَبُ اَلْآخَرُ تَأْلِيفُهُ لِكِتَابِ "مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ " فِي اَلْآثَارِ اَلدِّمَشْقِيَّةِ وَالْمَدَارِسِ اَلْعِلْمِيَّةِ.
¥