تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأخلاق لدى المدارس الفلسفية قديما وحديثا]

ـ[محمد عبد الرحيم البيومى]ــــــــ[23 - 02 - 08, 01:46 م]ـ

2005 م

mG S

إن فكرة الإلزام لايخلو منها أى مذهب خلقى جدير بهذا الاسم. فالإلزام هو العنصر الأساسي أو المحور الذى تدور حوله المشكلة الأخلاقية، وزوال فكرة الإلزام يقضى على جوهر الحكمة العقلية والعملية التى تهدف الأخلاق إلى تحقيقها. فإذا انعدم الإلزام انعدمت المسئولية وإذا انعدمت المسئولية ضاع كل أمل فى وضع الحق فى نصابه وإقامة أسس العدالة وحينئذ تعم الفوضى ويسود الإضطراب لافى عالم الواقع فحسب بل من الناحية القانونية ومن وجهة نظر المبدأ الأخلاقى ذاته. وإذا كانت الأخلاق تؤول فى النهاية إلى مجموعة من القواعد فكيف يتسنى للقاعدة أن تكون قاعدة بدون أن تلزم الأفراد بإتباعها؟ < o:p>

من هذا المنطلق سنبدأ بمشيئة الله تعالى بعرض مجمل لقضية الإلزام الخلقى فى الفكر اليونانى ثم فى الفلسفة الحديثة ثم نبدأ بتقييمها ونقدها وبعد ذلك نتحدث عن النظرية لدى فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفكر اليونانى والمؤثرين فى الفكر الحديث ونختم بالحديث عن النظرية القرآنية فى الإلزام الخلقى .... والسلوك الإنسانى عامة ليس سلوكا عشوائيا والسلوك الأخلاقى خاصة يصدر عن دوافع معينة هى المرجعية الأخلاقية التى يمكن للإنسان أن يخالف دواعيها بشكل من الأشكال .. ولما كانت درجة الإلتزام الأخلاقى مبنية على درجة الإلزام، ولما كان من أهم خصائص الأخلاق القويمة مدى ما فيها من قوة تدفع اللإنسان إلى العمل بها كان الإلزام من أهم الأسس التى يقوم عليها صرح بناء الأخلاق .. وقد تفرقت الفلسفة فى مذاهب شتى بهذا الصدد كل منها يرد هذا الإلزام إلى أحد مكونات الطبيعة الإنسانية ويتلافى ما عداه ولا يوجد شىء فى الحقيقة أدعى إلى الحيرة من الإنسان فهو صنع عجيب فلم يفلحوا فى وضع سلطة تتأدى بنفاذها القوة المنفذة لقانون عالمى للأخلاق ولا أن يجدوا حافزا يكفى لأن يبعث فى النفوس الرغبة الصادقة فى اتباع الحق والتنكب عن الباطل فى حين نجد نظرة الإسلام بالطبيعة الإنسانية وخصائصها أكثر شمولا واتساعا باعتبار أن الإنسان كل لا يتجزأ ولا بد لكى يستقيم سلوكه من ضرورة التنسيق بين كل تلك الجوانب حتى يؤدى كل جانب منها وظيفته فى حراسة قانون أخلاقى يهدف الإنسان إلى تحقيقة .. < o:p>

المبحث الأول < o:p>

الإلزام الخلقى فى الفكر الفلسفى اليونانى< o:p>

لقد اعتبر الفلاسفة اليونانيين الأخلاق فرعا من فروع الفلسفة وقد درسوا معظم القضايا الأخلاقية إن لم يكن جميعها وكان لهم أكبر الأثر فى الفلسفات اللاحقة بحيث يسهل علينا أن نرى بصماتهم واضحة فى الفكر الفلسفى فى العصور الوسطى والعصر الحديث بل لا نكون مبالغين لو قلنا إن لكل نظرية فلسفية عامة أو أخلاقية خاصة ظهرت بعد العصر اليونانى جذورا يونانية ..

أ- بين السوفسطائيين وسقراط:لقد كان للسوفسطائيين عناية خاصة بالإنسان والارتفاع به فوق الطبيعة ولكنهم قد أسرفوا فجعلوه مقياسا للخير والشر والحق والباطل والجمال والقبح وقد كان سقراط دائما على النقيض من هؤلاء يؤمن بالقيم الخالدة قيم الخير و الحق والجمال ويعتبرها معايير مسبقة تحكم فعل الإنسان.هذا وتعتبر السفسطة الجد الأعلى للمذاهب الإلحادية وإن لم يكن السوفسطائيين ممن يدعون للإلحاد أو اللادينية ولم يشتهر ذلك عنهم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير