تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نابُلُس ... مدينة العلم الثانية في فلسطين بقلم: محمد خالد كلاب

ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[01 - 03 - 08, 05:14 ص]ـ

نابُلُس ... مدينة العلم الثانية في فلسطين بقلم: محمد خالد كلاب


نابُلُس ... مدينة العلم الثانية في فلسطين

تاريخ النشر: 25/ 05/2007 - 08:22 ص

بقلم: محمد خالد كلاب

ربما لا يحتاج الأمر إلى مزيد من إثبات أو حشد أدلة تثبت أن مدينة القدس هي المدينة الأولى من مدن فلسطين التى تزخر بوفرة وافرة من العلماء والمكتبات، بل إنها تعتبر من أوائل المدن العلمية وأكثرها علماً في العالم، ولعل السبب في هذا يرجع لقداسة المكان وما يتمتع به من مكانة قوية وعظيمة في قلوب المسلمين من جميع أنحاء العالم، وغير ذلك من الأسباب، والمناسب تفصيلها في غير هذا المكان.

ولكن الأمر الذي أريد الحديث عنه في هذه الأسطر وأبيّنه في هذه الكلمات هو بيان حاضرة العلم الثانية في فلسطين ألا وهي مدينة نابلس بلد العلماء النجباء والمجاهدين العظماء.

نعم .. في كثير من مدن فلسطين كمدينة الرملة وعكا وحيفا وغزة وغيرها كانت النهضة العلمية فيها زاخرة، والعلماء موجودون بأعداد وافرة، ولكن ... بمثل مدينة نابلس فلا.

فقد عرفت نابلس بكثرة علمائها وانتشار المكتبات فيها، ووجود المدارس العلمية الوافرة فيها، حتى أن مخلصاً لما أراد وصفها قال: (وكانت نابلس بلد العلم في فلسطين لوفرة علمائها وكثرة مدارسها العلمية وشبانها) (1) هذا الأمر الذي جعلها تتألق في سماء فلسطين، محتلة المنصب الثاني بكونها ثاني أكبر مدن العلم في فلسطين.

وتنوعت حضارة نابلس العلمية بتنوع المعارف وعلومها من جهة، وبتنوع مراكز العلم التي ينبثق منها العلم والمعرفة وغيرها من أنواع الفنون من جهة أخرى.

والحديث عن الحياة العلمية في نابلس بشكل عام يطول ولربما يخرج مقالنا عن حدّه – والذي إن فسح للقلم المجال لكتب مجلدات – ولكن أولي الإيجاز والاختصار، وأتحدث في هذه العجالة عن جانب لم يوفى، وهو موضوع مهم ومعلم خطير من معالم النهضة العلمية والحياة المعرفية التى تمتع بها هذا البلد المبارك – بلد الأنجاد الأحرار. (2)

ألا وهي خزائن التراث ودور الكتب التى كانت ولا يزال موجود بعضها في هذه البقعة العلمية والتى مازالت بلدة رُحلة ييمم شطرها على مر الأزمان.

لقد كان في نابلس من بيوت العلم ذوات العدد، من أشهرها آل الجوهري وآل صوفان القدومي وآل الكرمي وآل السفاريني وآل هاشم وآل عاشور وآل التميمي وغيرها من البيوت التى كانت مدارس لوحدها تبث العلم وتنشره في أنحاء المعمورة، وكما كانت هذه البيوت حافلة بالعلماء وطلاب العلم يولون شطرها وييممون جهتها لينهلوا من علومها ويكرعوا من معارفها، فقد كانت كذلك حافلة بخزائن للمخطوطات والكتب والمؤلفات التي يعزّ وجودها في بلد أخر. وتعتبر نابلس من القديم وما زالت من بلاد الحنابلة التى سارت على مذهب الأمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وغالب علمائها هم من علماء الحنابلة المبرّزين، بل فيهم من المجتهدين في المذهب وسارت بفتواهم الركبان أمثال الإمام السفاريني، والإمام مرعى الكرمي والإمام عبد الله صوفان القدومي (1331هـ) وغيرهم من العلماء، كالشيخ سعيد الكرمي وأمثاله، يقول المؤرخ الجليل عبد الله مخلص رحمه الله تعالى عن نابلس: (نابلس وما حولها من القرى هي موطن الحنابلة اليوم) (الزهراء م1/ 504).

ولقد كانت هذه الخزائن من الشهرة والمكانة بمكان، بل ذاع صيتها في الأقطار وعرفت نفائسها في الأمصار الأمر الذي جعل كبار العلماء والأدباء يراسلون أربابها يستفيدون من نفائسها ويستنسخون نوادرها، فقد ذكر الأستاذ محمد عزة دروزة قصة طريفة في مذكراته فقال: (ولقد كلفني العالم المشهور المصري أحمد تيمور باشا أن أبحث عن بعض المخطوطات في مكتبات بيوت ومساجد نابلس فوجدت مخطوطة في الجغرافية والتاريخ يرجع تأليفها إلى بضعة عصور في دار الجوهري وأخبرته به فطلب أن أستعيرها وأرسلها إليه فصورها وأعادها) (ذكريات محمد عزة دروازة (1/ 541)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير