تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإمام الدارمي أحد أعلام المحدثين الكبار, وهو أعلى طبقة من أصحاب الكتب الستة عدا البخاري فإنه معاصر له, ولم يكن شيء من تلك الكتب معروفاً حينئذ إلا أن يكون البخاري قد سبقه إلى تصنيف الصحيح, فصرف همّته لجمع كتاب مسند مبوّب يقرّب فيه السنن بين يدي الأمة وخاصة أن بلده سمرقند كانت البدعة فيها مألوفة, والسنن غير معروفة, فعمل الدارمي على نشر علوم السنة فيها وتبصرة الناس فيها.

وأراد جمع المسند من الأحاديث المرفوعة إلى النبي r مع غيرها من الموقوفات والمقطوعات مرتباً على الأبواب الفقهية, وأما المرفوع فهو أكثر أحاديث الكتاب, وعليه يعتمد في أكثر أبواب الأحكام, وربما أسهب وأطال بذكر بعض أبواب الأحكام كالطهارة والفرائض, كما أكثر من ذلك في المقدمة وفضائل القرآن ...

وفي ثنايا الكتاب, وفي أعقاب بعض الأحاديث يذكر الشيء من اختياراته في الفقه, كما أنه ربما شرح لفظاً غريباً وبيّن معنىً, أو ذكر علّة حديث, وهذا قليل.

وعن تبويب الكتاب: فهو حسن الترتيب اعتنى بتبويبه أحسن عناية وأتى بها ظاهرة ليس فيها تكلف. فبدأه بذكر أمر الناس قبل بعث النبي r , ومبعثه وشمائله ومناقبه, ثم اتباع سنته وهديه والحذر من البدع في الدين والرأي والكلام المشين, وبيّن ضرورة الاحتراز عن الفتيا بغير علم, وبيّن منزلة الإخلاص, فكأنه مهّد بذلك للدخول إلى أبواب العبادات بعد تجرّد وإخلاص, فشرع بعد ذلك في أبواب العبادات مرتبة على كتب شاملة جامعة, ثم يفرّع عليها بالأبواب مسلسلة متناسبة مع حاجة المكلف, ويترجم بالباب بترجمة ظاهرة الدلالة على المقصود بألفاظ الحديث أو بعضه.

وأما عن معلقاته: فتكاد تكون غير موجودة؛ لأنه لا يحتاج إلى تعليق الأحاديث, وكأنه أشبه المختصر في السنن.

وكذلك قلّ التكرار في كتابه إلا لمتابعة في السند أو زيادة في المتن, ولم يعهد في كتاب الدارمي تقطيع الحديث بذكر بعضه وإيراد البعض الآخر في باب غيره.

وأما عن ثلاثياته فيقول محققه نبيل الغمري: وأما الثلاثيات, وهي أعلى ما في كتاب الدارمي, وجماتها على الصواب: خمسة عشر حديثاً ......

يقول الحافظ ابن حجر عنه: وأما كتاب * السنن * المسمى: * بمسند الدرامي *؛ فإنه ليس دون * السنن * في المرتبة بل لو ضمَّ إلى الخمسة لكان أولى من ابن ماجة؛ فإنه أمثل منه بكثير.

وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة: وقال قوم من الحفاظ منهم * ابن الصلاح * و * النووي * و * صلاح الدين العلائي * و * الحافظ ابن حجر *: لو جعل * مسند الدارمي * سادسا كان أولى.

وقال الذهبي عن مسنده: صاحب المسند العالي الذي في طبقة منتخب مسند عبد بن حميد.

وقال الشيخ وليّ الله الدهلوي ت *1176* في *المسوّى شرح الموطا*:

** علماً منّي بأن مسند الدارمي إنما صنِّف لإسناد أحاديث الموطأ, وفيه الكفاية لمن اكتفى **.

مراجع الفقرة: كتاب *دراسات في الحديث الشريف وعلومه* رمضان الزيان, عدنان الكحلوت ص *57 - 58*. شرح الدارمي تحقيق نبيل الغمري *1/ 107*. تدريب الراوي *1/ 174*, الرسالة المستطرفة دار البشائر ص *13*, تذكرة الحفاظ *2/ 535*, المسوى شرح الموطا للدهلوي *1/ 64* دار الكتب العلمية.

تسمية الكتاب: لقد اصطلح علماء الحديث على تسمية كتاب الرواية الذي يجمع حديث كلّ صحابيّ على حدة مسنداً.

إلا أنّ كتاب «السنن» لأبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارميّ رغم أنّه مؤلّف على الأبواب فقد اشتهر بالمسند على غير اصطلاح المحدّثين، حتى أنّ أبا عمرو ابن الصلاح عدّه بين كتب المسانيد؛ أوْقَعَهُ في هذا اشتهاره عند العلماء باسم مسند الدارميّ.

ولعلّه سمّي مسنداً لأنّ أحاديثه مسندة متّصلة على غرار تسمية البخاريّ كتابه بالجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه.

قال السيوطي في التدريب: و «مسند» الدَّارمي ليسَ بمسند, بل هو مُرتب على الأبواب, وقد سمَّاه بعضهم بالصَّحيح.

قال شيخ الإسلام: ولم أرَ لمغلطاي سلفًا في تسمية الدَّارمي «صحيحًا» إلاَّ قوله أنَّه رآه بخط المُنذري, وكذا قال العلائي.

وقال شيخ الإسْلام: ليسَ دُون «السُّنن» في الرُّتبة, بل لو ضُمَّ إلى الخمسة لكان أولى من ابن ماجه, فإنَّه أمثل منه بكثير.

وقال العِرَاقيُّ: اشتهر تسميته بالمسند, كما سمَّى البُخَاري كتابه بالمسند, لكون أحاديثه مسندة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير