الدليل الثالث: حديث أبي موسى ? في خبر السائل. وفيه: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا .. قال النبي ? في آخره: "الوقت بين هذين".
وجه الدلالة: أن النبي ? حدّ للسائل أوقات الصلوات؛ وجعل أول وقت صلاة الصبح حين بزغ الفجر الصادق.
وأما آخر وقت الفجر فمُختلَف فيه على قولين:
القول الأول: أنه طلوع الشمس، لا فرق بين مختار ومضطر. وقد قال بهذا الحنفية، وهو رواية عند المالكية، والمشهور من مذهب الحنابلة.
القول الثاني: أنه الإسفار، ويمتد إلى الشروق للضرورة. وهذا هو المذهب عند المالكية، والشافعية، وقول لبعض الحنابلة.
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: حديث عبدالله بن عمرو ?: " ... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر، ما لم تطلع الشمس ... ".
وجه الدلالة: أن النبي ? جعل ما بعد طلوع الفجر وقتاً للصلاة حتى تطلع الشمس.
الدليل الثاني: حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
وجه الدلالة: أنه عدّ من صلى ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس أنه مدرك لها؛ وأن صلاته أداء، فدلّ على أن وقتها لا يخرج إلا بطلوع الشمس.
الدليل الثالث: حديث جرير بن عبدالله ? قال: كنا مع النبي ? فنظر إلى القمر ليلةً –يعني البدر- فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" .. ثم قرأ:"وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب".
وجه الدلالة: أن النبي ? أراد صلاتي الفجر والعصر، وجعل منتهى وقت الفجر هو طلوع الشمس.
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: حديث إمامة جبريل ?، وفيه: ثم جاءه للصبح حين أسفر جِدّاً فقال: قم فصلّ، فصلى الصبح. فقال: ما بين هذين وقت كله.
وجه الدلالة: أنه جاءه في اليوم الثاني حين الإسفار، فدل على أنه آخر وقت الاختيار.
المناقشة: يمكن أن يناقش هذا من وجوه:
1/ أن هناك أحاديث تعارضه؛ جاءت بانتهاء الوقت بطلوع الشمس، فيجمع بينها بأن انتهاء وقت الصبح بالإسفار، ثم تكرّم الله على هذه الأمة فزادها إلى طلوع الشمس.
2/ أن أحاديث طلوع الشمس أصح إسناداً لأنها في الصحيح.
3/ أن أحاديث طلوع الشمس متأخرة عن حديث جبريل؛ لأنه كان أول الأمر بالصلاة.
4/ أن الإسفار لم يرد إلا فعلاً؛ والأحاديث الدالة على خروج الوقت بطلوع الشمس فيها القول والفعل، والقول مقدم على الفعل.
الدليل الثاني: حديث أبي موسى ?: أن النبي ? أخّر الفجر في اليوم الثاني حتى انصرف منها والقائل يقول قد طلعت الشمس أو كادت.
وجه الدلالة: أنه قد انصرف قبل الشروق، وكان من هديه ? إطالة القراءة في الصبح، فدل على أنه شرع فيها عند الإسفار، فهو آخر وقتها.
المناقشة: يمكن أن يناقش من وجهين:
1/ أنه يدلّ على الإسفار، ويلغي العمل بالأحاديث الدالة على امتداد الوقت إلى طلوع الشمس. وأما إذا أعملنا أحاديث طلوع الشمس فإنا نكون أعملناها وأعملنا أحاديث الإسفار.
2/ أنه فعل، وأحاديث طلوع الشمس قول، والقول يقدّم على الفعل.
وقد استدلوا على امتداد الوقت للضرورة بحديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ... الحديث".
وجه الدلالة: أنه عدّ من صلى قبل طلوع الشمس؛ ولو ركعة؛ مدركاً للوقت.
الترجيح: القول الأول هو القول الراجح لقوة أدلته وصراحتها.
الخلاصة: أن العمدة في أوقات الصلوات على حديث عبدالله بن عمرو ?. وبيان ذلك أن يقال:
وقت الظهر: من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
وقت العصر: من مصير ظل كل شيء مثله إلى الاصفرار اختياراً؛ والغروب اضطراراً
وقت المغرب: من غروب الشمس إلى مغيب الشفق؛ وهو الحمرة.
وقت العشاء: من مغيب الشفق إلى منتصف الليل؛ ولا وقت ضرورة له.
وقت الصبح: من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
عبدالله بن عبدالعزيز التميمي
[email protected]
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 02 - 09, 07:39 م]ـ
بارك الله فيكم وجعل أعمالكم في ميزان حسناتكم.
ـ[أبو غالية]ــــــــ[31 - 03 - 10, 12:33 ص]ـ
يرفع للفائدة
ـ[بوطرنيخ]ــــــــ[31 - 03 - 10, 09:28 ص]ـ
هل هناك كلام لأهل العلم بجواز تقديم الصلاة عن وقتها بحجة ظروف العمل خاصة في بلاد الغرب
حيث نجد أن بعض المساجد في فرنسا مثلا تقدم صلاة الجمعة فيها قبل الزوال بعشرين دقيقة
حيث يشرع الإمام في إلقاء الخطبتين على أن يؤدي الصلاة مع دخول وقت الزوال،
هل دخول الوقت لا يشترط في الخطبتين؟
و كذلك الشأن بالنسبة لصلاة العشاء حينما تصل إلى منتصف الليل تقريبا في فصل الصيف
أفيدونا باركم الله فيكم بنقولات لفتاوى أو كلام للعلماء في هذا الشأن
للتأكد من صحة و جواز ما تفعله بعض الجمعيات في مساجد فرنسا
¥