تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المناقشة: يمكن أن يناقش بأن النبي ? يراعي في صلاة العشاء اجتماع الناس، كما روى جابر ? في مواقيت الصلاة على عهد النبي ? قال: والعشاء أحياناً يؤخرها وأحيانا يعجّل، كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجّل، وإذا رآهم قد أبطؤوا أخّر. فلعلّهم اجتمعوا في تلك الليلة فعجّل بهم.

وأما أدلتهم على أن الوقت يمتد للضرورة إلى طلوع الفجر الصادق:

الدليل الأول: حديث أبي قتادة ?: أن رسول الله ? قال:: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى".

وجه الدلالة: أن وقت الصلاة لا يخرج حتى يجيء وقت الأخرى، إلا الفجر فإن وقتها مستثنى من ذلك، فدلّ على أن وقت العشاء يمتد للضرورة إلى طلوع الفجر؛ جمعاً بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى التي تدل على أن نهاية وقتها قبل ذلك.

المناقشة: يناقش بأنه حديث عام، وهناك أحاديث خاصة تنصّ على انتهاء الوقت قبل طلوع الفجر، إما إلى النصف أو الثلث، فلم لا يحمل العام على الخاص، وتستثنى صلاة العشاء بالحديث؛ كما استثنيت الفجر بالإجماع. خاصة وأنه لم يرد حديث ينص على استمرار وقت العشاء إلى الفجر، كما ورد في العصر. بل إن ظاهر قوله تعالى:"أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر" يدل على أن وقت العشاء لا يتصل بالفجر، بل يشير –من خلال حرف الغاية- إلى اتصال أوقات الصلوات: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. وغسق الليل أشدّ ساعاته ظلمة؛ وهو منتصفه. فما بعد الغاية خارج عما قبلها، ولذلك فَصَل الله الفجر وجعله مستقلا، فقال:"وقرآن الفجر" فلا يتصل أوله بما قبله من الصلوات، ولا آخره بما بعده.

الدليل الثاني: قول الصحابيين: عبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن عباس ?: إذا طهرت الحائض قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء.

المناقشة: يمكن أن يناقش من وجوه:

1/ أن الأثرين ضعيفان.

2/ أنه على فرض صحتهما، فقد خالفا الأحاديث الواردة عن النبي ? في نهاية وقت الظهر والمغرب، فإن تلك الأحاديث عامة في الحائض وغيرها.

3/ أنه يلزم من القول بهذين الأثرين إيجاب قضاء الحائض للظهر والمغرب. وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة".

أدلة أصحاب القول الثالث:

الدليل الأول: حديث عبدالله بن عمرو ? قال: قال رسول الله ?: "ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط".

وجه الدلالة: بيّن النبي ? أن آخر وقت العشاء انتصاف الليل.

الدليل الثاني: حديث أنس ? قال: "أخّر النبي ? صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال: "قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها".

وجه الدلالة: أن النبي ? أخّرها إلى أن انتصف الليل؛ فدلّ على أنه وقت اختيار لها.

الدليل الثالث: حديث أبي سعيد الخدري ? قال: قال رسول الله ?: "لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخّرت هذه الصلاة إلى شطر الليل".

وجه الدلالة: أن النبي ? ذكر أن الضعف والسقم في الناس يمنعانه عن تأخير العشاء إلى وقتها الفاضل، وهو نصف الليل.

وأما أدلتهم على امتداد الوقت إلى الفجر للضرورة فقد استدلوا بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الثاني على ذلك.

أدلة أصحاب القول الرابع:

استدلوا بالأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الثالث على انتهاء الوقت بانتصاف الليل.

الترجيح: يترجح –إن شاء الله- القول الرابع، لقوة أدلته وصراحتها، وضعف أدلة مخالفيه وورود المناقشة عليها.

خامساً: صلاة الفجر.

أجمع العلماء على أن صلاة الفجر يدخل وقتها بطلوع الفجر الثاني؛ وهو الصادق. ومن الأدلة على ذلك:

الدليل الأول: حديث عبدالله بن عمرو ? قال: قال رسول الله ?: " ... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ... ".

وجه الدلالة: أنه ? نصَّ على أن وقت صلاة الفجر يبدأ من طلوعه، فدلّ على أنها لا تصح قبله.

الدليل الثاني: حديث جبريل ? وفيه أنه جاء إلى النبي ?: حين سطع الفجر في الصبح فقال: قم يا محمد فصلّ، فقام فصلى الصبح.

وجه الدلالة: أن جبريل ? علّم النبي ? أول وقت كل صلاة وآخره بمجموع القول والفعل. وكان من ذلك: أنه علّمه أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير