تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد ذكر الله عز وجل من صفات المنافقين شيئًا كثيرًا، وكذلك عَدَّدَ رسولُ الله بعضَ صفاتهم، وهنا نتتبع شيئًا من علاماتهم كما وردت في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة؛ لكي نحذر الوقوع فيها، ولنعلم أيضًا المنافقين بصفاتهم سواء كانت مجتمعة كلها أو معظمها، ولنحذِّر غيرنا من الوقوع فيها فهي سبب للانحراف عن منهج الله والبعد عن الإسلام وتعاليمه من حيث يشعر مرتكبها أو لا يشعر، نسأل الله السلامة والعافية والعصمة من الوقوع فيها وفي غيرها من الآثام.

ومن أبرز صفاتهم ما ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي قال: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)).

وفي الحديث الأول إِخْبَارٌ من الذي لا ينطق عن الهوى من رسولنا محمد بأنه متى اجتمعت تلك الخصال الأربع في شخصٍ ما ذَكَرًا كان أو أنثى كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة من هذه الخصال كانت فيه خصلة من النفاق حتى يتركها ويبتعد عنها ويرجع إلى إيمانه النَّقِيِّ الصافي الخالص من علامات النفاق. وفي الحديث الثاني بين آية المنافق وهي علامته التي يمكن أنْ يُعْرَفَ بها، وفيها زيادة على الحديث الأول أنه إذا وعد أخلف الوعد ولم يَفِ به. ولا أستطرد في شرح وبيان تلك الصفات لأن الكلامَ عَرَبِيٌّ ومفهومٌ للجميع، ويفهمه طالب العلم والأمي والصغير والكبير، وأكتفي بإيراد الصفات مدعمة بالأدلة، فالذي ورد من صفاتهم سابقًا:

1 - الخيانة في الأمانة أيًا كانت الأمانة، وليست مقصورة على أمانة المال بل الأمانة عامة.

2 - الكذب في الحديث.

3 - الغدر وعدم الوفاء بالعهد.

4 - الفجور والخروج عن الطريق المستقيم عند الخصومة مع أي إنسان.

5 - عدم الوفاء بالوعد، وهذه سبق دليلها.

6 - الخداع ومرض القلوب وعدم صفائها والسعي بالفساد في الأرض، قال الله تعالى مخبرًا عنهم: يُخَـ?دِعُونَ ?للَّهَ وَ?لَّذِينَ ءامَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ?للَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ?لأرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ ?لْمُفْسِدُونَ وَلَـ?كِن لاَّ يَشْعُرُونَ [البقرة: 9 - 12].

7 - الخوف من افتضاح أمرهم والاستهزاء بالمؤمنين وكذبهم عندما يسألون عن خوضهم في أعراض المؤمنين، قال تعالى: يَحْذَرُ ?لْمُنَـ?فِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ?سْتَهْزِئواْ إِنَّ ?للَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِ?للَّهِ وَءايَـ?تِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـ?نِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ [التوبة: 64 - 66].

وهذه الآيات وإن كان لها سببُ نزولٍ فإنَّ النَّصَّ عَامٌّ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ما لم يرد نص من القرآن أو السنة تُخَصِّصُ وتُقَيِّدُ هذا العمومَ، لذلك فهو عام في المنافقين في أي زمان ومكان. عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة ـ قال: دخل حديث بعضهم في بعض ـ أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مِثْلَ قُرَّائِنَا هؤلاء أَرْغَبَ بطونًا، ولا أكْذَبَ ألسنًا، ولا أجْبَنَ عند اللقاء، يعني رسول الله وأصحابه القراء، فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله، فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقًا بِنِسْعَةِ نَاقَةِ رسولِ اللهِ وإن الحجارة لَتَنْكُبُ رِجْلَيْهِ وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير