ولأن ثلاثي الحق الذي عاش يتيمًا بأرض ضُيِّعت فيها?اليتامى .. لم يقبلوا بساط الطاغية, ولم ينحنوا لهيبته الزائفة، ولأنهم عاشوا لله في?صلاتهم ونسكهم, ومحياهم ومماتهم، ولأنهم عاشوا طيلة حياتهم للدين والأمة، لا كالذين?عاشوا حياتهم بـ"الدين والأمة" .. بكل أولئك أغفلتهم وسائل الإعلام، بينما اتسعت?للممثلين والمهرِّجين والطبالين والزمَّارين؛ لذلك استحق كل عملاق من هذه القمم?الثلاث أن أقول فيه
وما شيَّعوك إلى حيث تمضي = زكيًّا?طهورًا لمثوى أخير
?وأبطال إعلامهم أغفلوك = لراقصة?ما لها من نظير
?ولهو وطبل وفن رخيص = وصوت مغنٍّ?رقيع غرير
?لأنك ما عشت باسم الأمير = وزيف?الأمير بسِرْك الأمير?
?وحقرت من مجَّدوا عرشه = بكل نفاق?خسيس حقير ()
نعم إن مما يؤسَف له أن ميزانَ الأولويات?غدا مضطربًا في أمتنا، فالمُقَدَّم اليوم هم لاعبو الكرة والفنانون?وأضرا بهم، أما العلماء والفقهاء والدعاة والمفكِّرون فيعيشون مغمورين?حقوقهم مبخوسة، وجهودهم مجهولة، وسيرهم مطمورة، لا يعرفهم إلا أهل التخصُّص،?والمؤسِف أننا نظلمهم أيضا بعد وفاتهم فلاعبُ الكرة إذا أحرزَ هدفًا أو اعتزل،?و المطربة إذا أقامت حفلاً أو ماتت، انقلبت الدنيا ودوت وسائل الإعلام أيامًا?، أما إذا قدَّم العالم كتابًا، أو أبدع?الأديب في شعرٍ، أو قدَّم المفكِّر مشروعًا نهضويًّا، أو وافت أحدَهم المنيةُ، فلا?تحسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزً والحق أن ذهابَ العلماء الراسخين والدعاة الثقات الربانيين أمرٌ محزن؛ فهو مؤذن بقبض العلم وخراب الدنيا، والذي يحزن أكثر أن يعيش هؤلاء?والأضواءُ بعيدةٌ عنهم، مشغولة بغيرهم، ويموتون في صمتٍ دون اهتمام بهم أو إكبار?لهم، لكنَّ حسبَهم أن جزاءَهم مكفولٌ عند مَنْ لا يظلم مثقال ذرة
علمه وثقافته:
لقد تجلت في شخصية الدكتور المطعني تلك الظاهرة الموسوعية فقد كتب في شتي العلوم والمعارف وترك كتبا متميزة في تشهد بعلو كعبه وتمكنه من العلم والثقافة فهو كاتب وأديب ومؤلف وخطيب وصحافي بارع ومدرس قدير.يقول الدكتور جابر قميحة عنه " كان رحمه الله ذا عقلية موسوعية، جمعت وأوعت، واتسعت لرصيد?ضخم من الفقه والسنة?والتاريخ ولم تكن هذه الموسوعية الممتدة المترامية المدى .. لم تكن على?حساب تعميق الموضوعات التي تمثل محتواها, حتى يظن أنها مجرد تعدد في المعارف كما هو?معروف مشهور في المقولة المشهورة: "العالم من يعرف كل شيء عن شيء واحد، ويعرف شيئًا?واحدًا عن كل شيء فهذه المقولة لا تصدق عليه؛ لأنه "كان يعرف كل شي عن كل?شيء وتقرأ ما كتبه في السنة، فيُخيَّل إليك أنه تخصَّص فيها دون?غيرها، ويقال ذلك عن كل علم من العلوم؛ كالفقه والتاريخ والنقد الأدبي؛ فكتابه عن?أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ يُعدُّ أوفى وأعمق ما كُتب عن هذا العمل، وهو حكمٌ لم?ألقِه على عواهنه بل سقته بعد أن قرأت الرواية (طبعة باريس)، وقرأت ما كُتب عنها من?مقالات وكتب؛ أهمها كتابا الشيخ عبد الحميد كشك, والأستاذ محمد جلال كشك, رحمهما?الله" ()
ويقول الدكتور محمد المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر “كان فارسا من فرسان الدعوة الإسلامية واللغة العربية، وجاهد كثيرا بعلمه وكلمته في هذين المجالين، وكان يشار إليه بالبنان ويرجع إليه في معضلات اللغة وخفاياها. ()
ويقول الأستاذ جمال سلطان عن علمه وثقافته " كان موسوعيا بمعنى الكلمة في معرفته بتراث الإسلام واللغة والأدب والفقه والتفسير?والتاريخ " ()
كما يقول د. مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر: “جمع بين العلوم العربية التي تخصص فيها وبين الأمل المرجو منها وهو فقه الإسلام، وبدأ مصححا للغة العربية في الصحف فزان صحائفها وصفحاتها، وانتهى للتدريس في الجامعة فكان شيخ شيوخها”. ()
ويشهد الدكتور محمد عبد الحليم عمر?أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر الشريف?ومدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة?الأزهر وقد جاوره خمس سنوات
¥