تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد نشط المبشرون النصارى، وكثفوا جهودهم في أوساط هذه الأسر الفقيرة، والمسلمون وأغنياء المسلمين في حالة يرثى لها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكم هو جميل كذلك. أن يقارن الاستعداد للعيد، لفرحته وبهجته، استعداداً لتفريج كربة، وملاطفة يتيم، ومواساة ثكلى. يقارنه تفتيش عن أصحاب الحوائج، فإن لم تستطع خيلاً ولا مالاً، فأسعفهم بكلمة طيبة وابتسامة حانية، ولفتة طاهرةٍ من قلب مؤمن.

إنك حين تأسو جراح إخوانك إنما تأسوا جراح نفسك، وحين تسد حاجة جيرانك إنما تسد حاجة نفسك، قال تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلاِنفُسِكُمْ [البقرة:272]. وقال سبحانه: مَّنْ عَمِلَ صَـ?لِحاً فَلِنَفْسِهِ [فصلت:46]. أسأل الله أن نكون بهذا المستوى ونحن نستقبل عيدنا.

عباد الله، احرصوا رحمكم الله على صلاة العيد، فإنها من أعلام الدين الظاهرة. وإليكم شيئاً من أحكامها:

صلاة العيدين فرض كفاية، وقد ورد في القرآن الكريم الإشارة إليها في قول الله عز وجل فَصَلّ لِرَبّكَ وَ?نْحَرْ [التكاثر:2]، المشهور في التفسير أن المراد بها صلاة العيد.

وإن تركها أهل بلد قاتلهم الإمام عليه كالأذان لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة وفي تركها تهاون بالدين.

ووقتها كوقت صلاة الضحى، مع ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال، فإن لم يُعلم بالعيد إلا بعد خروج الوقت صلوا من الغد قضاء، ويسن صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد، ولو صُلي في جامع واسع فلا حرج، لكن السنة أن تصلى في الصحراء، وهو أفضل، ويسن الإمساك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يصلي، ليأكل من أضحيته. بخلاف عيد الفطر فإن السنة أن يأكل قبل الخروج إلى الصلاة. لما روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن بريدة رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.

ويستحب للإنسان أن يخرج على أحسن هيئة لما روى جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَعْتَمّ ويلبس بُرْدَه الأحمر في العيدين والجمعة).

ويسن للذاهب لصلاة العيد، أن يخالف الطريق وذلك أن يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر. هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه.

كذلك يسن للنساء حضور الصلاة، وإن كانت المرأة حائض فإنها تحضر لسماع الخطبة ولكن تعتزل المصلى، لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: (أُمرنا أن نُخرج العواتق والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة) وفي لفظ: (المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين).

وفق الله الجميع ...

الخطبة الثانية

أما بعد: عباد الله، اعتاد المسلمون الذين لم يكتب لهم الحج، أن يصوموا يوم عرفة، وأن يضحوا يوم العيد.

ولما كان هناك العديد من الأحكام التي تتعلق بالأضحية، والتي تخفى على بعض الناس. ولأن الأضحية سوف يبدأ وقتها غداً. كان لابد من تبيين بعض أحكامها.

الأضحية يا عباد الله، هو ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى، بسبب العيد تقرباً إلى الله عز وجل، وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: فَصَلّ لِرَبّكَ وَ?نْحَرْ [التكاثر:2]، وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ?لْعَـ?لَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذ?لِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ?لْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163]، وقال سبحانه: وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ ?سْمَ ?للَّهِ عَلَى? مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ?لاْنْعَـ?مِ فَإِلَـ?هُكُمْ إِلَـ?هٌ و?حِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ [الحج:34]. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي. رواه أحمد والترمذي

أيها المسلمون، ذهب جمهور العلماء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة. وإن كان البعض يرى أنها واجبة كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

وذبح الأضحية ـ أيها الأخوة ـ أفضل من الصدقة بثمنها لأن ذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، ولأن الذبح من شعائر الله تعالى. فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة لتعطلت هذه الشعيرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير