قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه قال: ولهذا لو يتصدق عن دم المتعة والقران أضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية".
عباد الله، يشترط في الأضحية ستة شروط:
الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ ?سْمَ ?للَّهِ عَلَى? مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ?لاْنْعَـ?مِ وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.
فلو ضحى أحد بغزالٍ مثلاً فإنه لا يجزئ.
الشرط الثاني: أن تبلغ السن المحدود شرعاً. لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحو إلا مُسِّنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم.
والسن الذي حدده الشرع للإبل ما تم له خمس سنين، والبقر ما تم له سنتان، والغنم ما تم له سنة، فإن لم يجد فما تم له نصف سنة، وغير هذا لا يجزئ.
الشرط الثالث: أن تكون الأضحية خالية من العيوب كأن تكون عوراء أو عرجاء أو مريضة مرضاً بيناً أو هزيلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ماذا يُتقى من الضحايا فأشار بيده وقال: أربعاً، العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى. رواه مالك في الموطأ.
الشرط الرابع: أن تكون الأضحية ملكاً للمضحي فلا تصح أضحية المغصوب والمسروق ونحو ذلك.
الشرط الخامس: أن لا يتعلق بها حق للغير.
الشرط السادس: أن يضحي بها في الوقت المحدد شرعاً. وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. فبذلك تكون أيام الذبح أربعة أيام، لا كما يتوهم البعض ويعتقد العامة أن الذبح لا يجوز إلا في يوم العيد فقط.
إذاً فأيام الذبح يوم العيد، والثلاثة الأيام التي بعدها وهي أيام التشريق.
أما من ذبح قبل الصلاة فإنه يعد من اللحم وليست أضحية. لما روى البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء)).
ثم اعلموا كذلك ـ رحمكم الله ـ أن الأفضل من الأضاحي جنساً: الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم سُبُع بدنة ثم سُبُع بقرة.
والأفضل منها صفةً: الأسمن الأكثر لحماً، الأكمل خلقة الأحسن منظراً. وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين)).
عباد الله، تجزئ الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين. إذا نوى بها ذلك. لما في حديث عائشة عند مسلم. أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن ثم أمر بالسكين ثم قال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد)) ثم ضحى به صلى الله عليه وسلم.
ثم يشرع للمضحي أيها الأخوة، أن يأكل من أضحيته ويهدي ويتصدق، لقوله تعالى: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ?لْبَائِسَ ?لْفَقِيرَ [الحج:28]. والمختار أن يأكل ثلثاً ويتصدق ثلثاً ويهدي ثلثاً.
ويحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية، لا لحماً ولا غيره من الجلد، يحرم عليه بيعه. ولا يجوز أن يعطى الجزار شيئاً منها في مقابلة الأجر، أو بعضها، لأن ذلك بمعنى البيع.
لكن لو أعطى الجزار شيئاً كهدية أو صدقة بعد إعطائه أجره كاملاً فله ذلك.
نسأل الله عز وجل أن يتقبل من المضحين ضحاياهم ومن الصائمين في هذا اليوم صيامهم. ومن الحجاج حجهم.
اللهم إنا نسألك رحمة ...
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 02:25 ص]ـ
الخطبة الأولى
أما بعد: عباد الله، إن يومكم هذا يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر، يقضي الحجاج فيه كثيرًا من مناسك الحج؛ يرمون الجمرة، وينحرون الهدي، ويحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة، فلذلك سمي يوم الحج الأكبر، ويذبح الناس فيه ضحاياهم تقربًا إلى الله سبحانه، وما عمل ابن آدم في هذا اليوم عملاً أحب إلى الله من إراقة الدم، وهي سنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فطيبوا بها نفسًا.
واعلموا أن الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، لما فيها من إحياء السنة والأجر العظيم وموافقة ما يحبه الله سبحانه.
¥