عباد الله, إن اليوم الحادي عشر من ذي الحجة هو أول أيام التشريق المباركة التي قال الله عز وجل فيها: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ في أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ [البقرة:203]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هي أيام التشريق)، وقال فيها النبي: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)) أخرجه مسلم وغيره. فأكثروا ـ رحمكم الله ـ من ذكر الله وتكبيره في هذه الأيام المباركة، امتثالاً لأمر ربكم تبارك وتعالى، واستنانًا بسنة نبيكم، واقتداء بسلفكم الصالح، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكبرون في هذه الأيام الفاضلة.
فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بدينكم تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
هذا واعلموا رحمكم الله، أن من أفضل أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم كثرة صلاتكم وسلامكم على سيد الأولين والآخرين، النبي المصطفى والنبي المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل سبحانه: إِنَّ ?للَّهَ وَمَلَـ?ئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ?لنَّبِىّ ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيب قلوبنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي بن أبي طالب، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكّس رايات الكفرة والملحدين، اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، اللهم اجعل الخلف في صفوفهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وخالف كلمتهم، واجعل بأسهم بينهم، ورد كيدهم في نحرهم، وأشغلهم بأنفسهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، يا قوي يا عزيز يا متين ...
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 02:35 ص]ـ
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المسلمون في بيت الله الحرام، أيها الحجاج في المشاعر المقدسة، أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، اتقوا الله عز وجل وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتمسكوا بإسلامكم وتمسكوا بعقيدتكم مصدر العزة والقوة والهيمنة والمجد والسعادة الأبدية.
عباد الله، إن يومكم هذا يوم عظيم رفع الله قدره وسماه يوم الحج الأكبر، فيه أعز الله دينه والمسلمين وتبرأ ورسوله من الشرك والمشركين فهو يوم شريف جليل فضيل فهو الحج الأكبر وعيد الأضحى والنحر فهو الحج الأكبر؛ لأن حجاج بيت الله الحرام يؤدون فيه معظم مناسك الحج يرمون الجمرة الكبرى ويذبحون الهدايا ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة وهو عيد الأضحى النحر؛ لأن المسلمين يضحون فيه وينحرون هداياهم ((وما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم)) [1]، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة.
أيها المسلمون، إن هذه الأضاحي هي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد، وإنها لسنة مؤكدة ينبغي للقادرين عليها أن يحيوها وألا يتساهلوا فيها فيحرموا من فضل الله عز وجل ولقد أمر الله سبحانه خليله إبراهيم عليه السلام بذبح ولده وفلذة كبده فامتثل أمر ربه وقال لابنه: ي?بُنَىَّ إِنّى أَرَى? فِى ?لْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَ?نظُرْ مَاذَا تَرَى? [الصافات:102]، فاستسلم الابن لأمر الله وأذعن لقضائه وقال: ي?أَبَتِ ?فْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء ?للَّهُ مِنَ ?لصَّـ?بِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَـ?دَيْنَـ?هُ أَن ي?إِبْر?هِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ?لرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ?لْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَـ?ذَا لَهُوَ ?لْبَلاَء ?لْمُبِينُ وَفَدَيْنَـ?هُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات:102 - 107]، فاعتبروا أيها المسلمون بهذه الحادثة العظيمة وأحبوا هذه السنة الكريمة فقد أمر إبراهيم بذبح أعز الناس عنده، وأحب الناس إليه وهو ابنه وفلذة كبده، فبادر وأسرع لكلام ربه أفليس من أُمر بذبح شاة مزجاة الثمن أولى بالمبادرة والتنفيذ إلا عند من آثر الحياة الدنيا وغلبه حب الدرهم والدينار فبخل بما آتاه الله من فضله ـ
¥