والعياذ بالله ـ.
ولقد وسّع الإسلام على المسلمين في ذبح الأضاحي حيث تجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته لحديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: (كان الرجل في عهد رسول الله يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته) [2]، واعلموا يا عباد الله أن للأضحية شروطاً ثلاثة:
الأول: أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، وهو خمس سنوات في الإبل وسنتان في البقر وسنة كاملة في المعز ونصف سنة في الضأن.
الثاني: أن تكون سليمة من العيوب، التي تمنع الإجزاء كالعرجاء البين ضلعها أو المريضة البيّن مرضها والعجفاء الهزيلة التي لا مخ فيها، والعوراء البيّن عورها، وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاته وفي صفاتها فهي أفضل وأعظم أجراً.
الثالث: أن تقع في الوقت المحدد للتضحية شرعاً، وهو بعد الفراغ من صلاة العيد والأفضل أن ينتظر حتى يفرغ الإمام من الخطبتين، وينتهي الوقت في اليوم الثالث بعد العيد ويسمي أضحيته عند الذبح ويقول إذا أضجعها عند الذبح: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن فلان أو عن فلانة كما ثبت بذلك السنة الصحيحة.
واعلموا أن للزكاة شروطاً منها:
الأول: أن يقول عند الذبح باسم الله، فمن لم يقل ذلك فذبيحته ميتة يحرم أكلها قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ?سْمُ ?للَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [الأنعام:121]، وقال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل)) [3].
الثاني: إنهار الدم بأن يقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمريء وهو مجرى الطعام ويتمم ذلك بقطع الودجين، وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم يثعب منهما الدم وجميع الرقبة من أعلها إلى أسفلها موضع للذبح، لكن الأفضل نحر الإبل من أسفل الرقبة في الوهدة التي بين العنق وأسفل الصدر، وذبح البقر والغنم من أعلى الرقبة مما يلي الرأس، وينبغي الإحسان بالذبح بأن يذبح برفق وبسكين حادة يمررها بقوة وسرعة، وأن يضجعها على جنبها الأيسر، ولا يلوي يدها على عنقها من خلفها عند الذبح ولا يسلخها أو يكسر رقبتها قبل أن تموت، والسنة أن يأكل المسلم من أضحيته وأن يهدي وأن يتصدق منها وأن يتولى ذبحها أو يحضرها عند الذبح ولا يعطي الجزار أجرته منها.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أمة الإسلام، إن يومكم هذا يوم عظيم وموسم كريم، شرفه الله عز وجل وعظمه وجعله عيداً للمسلمين في جميع أقطارهم وأمصارهم من حج منهم ومن لم يحج، فالحجاج ينزلون فيه إلى منى ويرمون جمرة العقبة ويذبحون هداياهم ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة، وأهل الأمصار يجتمعون فيه على ذكر الله وتكبيره والصلاة له ثم ينسكون عقب ذلك نسكهم ويقربون قرابينهم بإراقة دم ضحاياهم ويكون ذلك منهم تقرباً إلى الله وشكراً له على نعمه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ?لْعَـ?لَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذ?لِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ?لْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163].
أخرج الشيخان في صحيحهما أن النبي ضحى بكبشين أقرنين أملحين ذبحهما بيده وسمّى وكبر، وفي رواية أنه عليه الصلاة والسلام ذبح كبشين وذبح أحدهما وقال: ((بسم الله اللهم هذا عن محمد وأهل بيته)) [4] وقرّب الآخر وقال: ((بسم الله اللهم، هذا منك ولك عمن لم يضح من أمة محمد)) [5].
فاتقوا الله عباد الله، وانفضوا عن أنفسكم الشح والبخل، وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم وتقربوا إلى الله عز وجل بالعج والثج، واستنُّوا بسنة نبيكم محمد وضحوا في هذه الأيام العظيمة لأنفسكم وأهليكم من الزوجات والأولاد والوالدين وأشركوهم في ثوابها فإن فضل الله لا حدّ له ولا غاية.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ ?سْمَ ?للَّهِ عَلَى? مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ?لاْنْعَـ?مِ فَإِلَـ?هُكُمْ إِلَـ?هٌ و?حِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشّرِ ?لْمُخْبِتِينَ [الحج:34].
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
¥