تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن رجب رحمه الله: "والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأحدها من غير زيادة في التعذيب، فإنه إيلام لا حاجة إليه، وقد حكى ابن حزم رحمه الله الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة".

ولقد أسرف كثير من الناس في التعامل مع الأضاحي، فتجد بعضهم يجذب الدابة بقهر وقوة والحبل مشدود في عنقها، وربما حدّ السكين أمامها، بل بعضهم لا يحد الشفرة بل يذبحها بشفرة غير محددة، وذلك بمرأى من أخواتها. فهذا وأشباهه آداب حميدة تدل على سمو الشريعة وسماحتها ورحمتها حتى بالبهائم والدواب، وقد قال: ((من لا يرحم لا يُرحَم)).

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أخرج الإمام أحمد بسند قوي أن رسول الله أمر بحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم، وقال: ((إذا ذبح أحدكم فليُجهِز)). وأخرج ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: مر رسول الله برجل وهو يجر شاة بأذنها، فقال رسول الله: ((دع أذنها وخذ بسالفتها))، والسالفة مقدَّم العنق. وخرج الخلال والطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن عباس قال: مر رسول الله برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يُحُدُّ شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: ((أفلا قبل هذا؟! تريد أن تميتها موتات) وعند عبد الرازق: ((هلا حددت شفرتك قبل أن تُضجِعها؟!)). وقال الإمام أحمد رحمه الله: "تقاد إلى الذبح قودا رفيقا، وتوارى السكين عنها، ولا تظهر السكين إلا عند الذبح، أمر رسول الله بذلك أن توارى الشفار".

وروى عبد الرازق في المصنف عن ابن سيرين أن عمر رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك! قُدها إلى الموت قودًا جميلاً. وروى نحوه عن ابن عمر. وفي المسند بسند صحيح عن معاوية بن قرة عن أبيه أن رجلا قال للنبي: يا رسول الله، إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال النبي: ((والشاة إن رحمتها رحمك الله)).

ويُستحب في الأضحية ـ يا مسلمون ـ أن يأكل المسلم منها الثلث ويهدى الثلث ويتصدق بالثلث، قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج: 36]. فالتمسوا الفقراء والمساكين، وأطعموهم مما أطعمكم الله، ولا تبخلوا بمال الله الذي آتاكم، وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [الحشر: 9].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المسلمين، إن هذا اليوم المبارك عيد المسلمين، يستحب فيه آداب جليلة وخصال حميدة منها:

أولا: الاغتسال قبل الخروج للصلاة، فقد روى مالك في الموطأ بسند صحيح عن ابن عمر ـ وكان متحريا للسنة ـ أنه كان يغتسل قبل أن يغدو إلى المصلى. وقد حكى النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد.

ثانيا: المستحب في عيد الأضحى أن لا يأكل إلا بعد الصلاة، ويأكل من أضحيته.

ثالثا: التكبير في يوم العيد وصفته: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

فالسنة في الأضحى لأهل الأمصار التكبير من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر صلاة العصر آخر أيام التشريق، كما نص على ذلك ابن تيمية رحمه الله.

والتكبير في هذه الأزمنة يكاد يكون من السنن المهجورة التي ينبغي علينا أحياؤها ونشرها وتعليمها الكبار والصغار والنساء؛ لأنه تعظيم لله تعالى وحمد وشكر على نعمة وفضله. فعلى المسلم أن يحرص على التكبير في يوم العيد وأيام التشريق، ويحذر من التواني والغفلة، وكذا النساء يكبرن في بيوتهن.

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: "وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد". وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

رابعا: أنه لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها، كما رواه الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما. لكن إذا عاد المسلم إلى بيته فيشرع له صلاة ركعتين؛ لما رواه ابن ماجه في سننه بسند حسن ـ كما قال الحافظ في بلوغ المرام ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا رجع إلى بيته صلى ركعتين. قال الشيخ العلامة حافظ الحكمي رحمه الله:

وفي المصلى قبلها لم يُشرعِ نفل ولا من بعد فعلها فعِ

وفي الحديث جاء حين يرجعُ لبيته فركعتان تُشرعُ

خامسًا: يستحب مخالفة الطريق يوم العيد إظهارًا للشعيرة وإغاظة للمنافقين. ويستحب كذلك التهنئة بالعيد بأي عبارات التهاني المباحة، والأحسن ما روي عن الصحابة أنهم يقولون: تقبل الله منا ومنك.

ولا ريب أن التهنئة بالعيد من مكارم الأخلاق ومحاسن الحياة الاجتماعية بين المسلمين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير