تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد أصلح الله تعالى هذه الأرض بما خلق فيها من المنافع، وامتن على عباده بأن وفقهم لاستغلالها، دون الإضرار بها، قال تعالى: هُوَ ?لَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ?لأرْضِ جَمِيعاً [البقرة:29]. وقد نهى سبحانه عن كل فساد في هذه الأرض، والانحراف عن منهج الرسل أعظم فساد في هذه الأرض، وبسبب المعاصي والذنوب يقع الاضطراب في الكون بإمساك الله للمطر الذي به قوام الحياة: وَأَلَّوِ ?سْتَقَـ?مُواْ عَلَى ?لطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـ?هُم مَّاء غَدَقاً لّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً [الجن:16، 17].

فالماء قوام الحياة، قال تعالى: هُوَ ?لَّذِى أَنْزَلَ مِنَ ?لسَّمَاء مَآء لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ?لزَّرْعَ وَ?لزَّيْتُونَ وَ?لنَّخِيلَ وَ?لاعْنَـ?بَ وَمِن كُلّ ?لثَّمَر?تِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:10، 11].

لذلك كانت دعوة الإسلام واضحة للمحافظة على البيئة، فأمر بالمحافظة على نظافة الماء، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)). ونهى عن الإسراف في استعمال الماء حتى في الطهارة والوضوء وأمر الإسلام بالمحافظة على النبات ودعا إلى غرس الأشجار قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له به صدقة)) [متفق عليه] [1]. والحيوان جزء من هذه البيئة التي نعيش فيها، والإنسان مسؤول عن حمايته ورعايته والانتفاع به في الحدود الشرعية، فالحيوان كما صوره القرآن عارف بربه، له تسبيحه وله سجوده قال ربنا تعالى: ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس [الحج:17]. الله أكبر.

والقاعدة الشرعية: لا ضرر ولا ضرار لها تطبيقات واسعة في النهي عن تلويث البيئة وتوسيخها وإفسادها، فالضرر ما فيه منفعة لجهة ومضرة لجهة أخرى كالصيد الذي يتسبب في انقراض أو نقصان حيوان البر والبحر، فلحماية البيئة الحيوانية يمنع صيد الأسماك والطيور والحيوانات في فصول تكاثرها، والإسلام وضع القاعدة لنظام حماية الثروة النباتية والحيوانية عندما حرم على الحجاج الصيد قال تعالى: يَـ?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ?لصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95]. وقال: ((إن هذا البلد الحرام حرام لا يعضد شوكه - أي لا يقطع - ولا يختلى خلاه)) [2] (أي لا يقطع نباته الرطب) فيحرم على الحاج المحرم الصيد ويحرم عليه ازعاج الحيوان ويحرم عليه أن يقطع الشجر.

والضرار هو ما ليس فيه منفعة لأحد كرمي النفايات ورمي السموم الضارة بالبحار والوديان وكإتلاف الأشجار وقطعها دون العناية بها وكاتلاف النباتات في الحدائق وغيرها، والقرآن الحكيم حدثنا عن جمال الطبيعة ونظامها وعن دور المفسدين فيها فقال: وَإِذَا تَوَلَّى? سَعَى? فِى ?لأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ?لْحَرْثَ وَ?لنَّسْلَ وَ?للَّهُ لاَ يُحِبُّ ?لْفَسَادَ [البقرة:205]. فالكتاب الحكيم يشنع على المفسدين لنبات الأرض وحيواناتها، ويؤكد على أنه ما من فساد يقع في هذه الأرض إلا بسب أيدي الناس، قال ربنا تعالى: ظَهَرَ ?لْفَسَادُ فِى ?لْبَرّ وَ?لْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ?لنَّاسِ [الروم:41]. الله أكبر.

عباد الله، تفقهوا في دينكم واعلموا أن دين الإسلام شدد على نظافة البيئة عندما حث على تنظيف الجسد وتنظيف اللباس، وتنظيف الأواني وتنظيف الطرقات، قال ربنا تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ [المدثر:4]. وأنزل الله تعالى الماء ليتطهر به الإنسان ويتنظف، قال تعالى: وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن ?لسَّمَاء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]. وحث على نظافة الطرقات: عن أبي برزة الأسلمي قال: قلت يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الله به الجنة، فقال: ((أمط الأذى عن الطريق)) [رواه مسلم] [3]. وإبعاد ما يؤذي الناس في طرقاتهم من شعب الإيمان، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة)) [4].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير