تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حكم هبة المسلم فيه قبل قبضه قال: [ولا هبته]. إذا كان لا يجوز لي أن أبيع حتى لا يحصل الربح قبل الضمان، فافرض أن شخصاً قال لك: هذا المسلم فيه أريد أن أعطيه بدون عوض، كأن أهبه لأخي، فأقول لأخي: يا فلان! هذه السيارة التي اشتريتها من الوكالة هبةٌ مني لك، لم يصح؛ لأن الهبة لا تصح شرعاً إلا بعد الملكية، والملكية تتوقف على القبض، ولا يصح التصرف في شيء بهبته إلا بعد قبضه وملكه، ومن هنا: هبة الأعضاء والتبرع بالأعضاء على القول بعدم جوازها، بني هذا القول على أن الإنسان لا يملك أعضاءه؛ لأن الهبة شرطها: أن تكون مالكاً للشيء الذي تهبه، والإنسان ليس مالكاً لجسده، فهو ممكن أن يهب ماله، وممكن أن يهب سيارته، لكن يده ليست ملكاً له، وكذلك كليته وأعضاؤه، وقرنية العين ونحو ذلك لا يملكها، فقالوا: يشترط في الهبة الملكية، ومن هنا قالوا: صحيح أنه قد تعاقد، ولكنه لم يصل إلى ملكيته الحقيقية التي تبيح له التصرف فيه، فاشترط القبض لهبته، فلا يصح أن يهب السيارة ولا أن يهب الطعام ولا أن يهب القماش ولا أن يهب أي شيءٍ وقع عليه السلم إلا بعد قبضه.

حكم الحوالة بالمسلم فيه أو عليه قبل قبضه قال: [ولا الحوالة به ولا عليه]. أي: أن يحيل بهذا الشيء الذي وقع عليه السلم، فلا يصح أن يحيل به، ولا أن يحيل عليه، لا يصح في كلتا الحالتين، فحينما تدفع مائة ألف لقاء سيارة، فإن المائة ألف هذه لا يصح للوكالة التي اتفقت معها على أن تعطيك سيارة أن تحيلك إلى مكانٍ آخر؛ لأنه لا يصح للشخص الذي تعاقدت معه سلماً أن يحيلك إلى شخصٍ آخر، وأنت أيضاً لا يصح أن تحيل غيرك إلى ذلك الشيء الذي يقع السلم عليه؛ لأن الحوالة تكون على دين مستقر، والسلم لا يستقر ديناً إلا بعد حلول أجله وقبضه، فأنت إذا دفعت مائة ألف لقاء سيارة وجئت تحيل شخصاً له عليك مائة ألف وقلت له: خذ هذا الدين الذي لي على الوكالة، لا يصح إذ الوكالة ليست بمدينة؛ لأن الأجل لم يحل أصلاً، وهذا بيع وصفقة خارجة عن الديون، والحوالة شرطها أن تكون على ديون كما سيأتي (من أحيل على مليء فليتبع) كما قال صلى الله عليه وسلم، فالحوالة تكون في الديون المستقرة، وأنت تحيل على شيء لا يستقر ديناً، وصحيح أن الصفقة أوجبته، لكنه لم يستقر ديناً، فلا يصح للوكالة أن تحيلك على وكالة ثانية، ولا يصح لتاجر الحبوب أن يحيلك على تاجر آخر، ولا يصح لتاجر التمر أن يحيلك على تاجر آخر، كذلك أيضاً لا يصح لك أنت أيضاً أن تحيل على هذا التاجر، فكما أنه لا يصح لهذا أن يحيل على هذا، فكذلك الطرف الثاني لا يصح أن يحيل غيره عليه. قال: [ولا أخذ عوضه]. أي: العوض عن هذا المسلم فيه، مثلاً: رجل تعاقدت معه على مائة صندوق من التمر في نهاية رمضان، فلما حضر الأجل قال لك: والله ما عندي مائة صندوق من التمر السكري الذي اتفقنا عليه، فأريد أن أعطيك عوضاً عنها تمراً برحياً، لم يصح، وإنما يجب عليه أن يحضر هذا الذي اتفقتما عليه وهو السكري، فإن كان ليس عنده يذهب ويحضره من الغير، ولكن بعض العلماء يقول: إذا عجز، كأن يكون هناك جائحة اجتاحت التمور وأصبح هذا الموسم ليس فيه تمر من هذا الصنف الذي اتفقا عليه، فينفسخ العقد، ويحكم بانفساخ عقد السلم، وفي هذه الحالة يطالب برد المال، ولا يطالب بالعوض؛ لأنه غير موجود، فلو قال له: أعطيك عوضاً من نوعٍ ثانٍ، أو أعطيك بدل السيارة طعاماً لم يجز، ولابد أن يعطيه نفس الشيء الذي أسلم فيه، وهذا كله -كما ذكرنا- مبني على أن السلم رخصة خارجة عن الأصل، والخارج عن الأصل يتقيد بالصورة الواردة و التي اتفقا عليها وأوجدا العقد عليها، ولا يجوز التصرف في هذه العقود لإخراجها عن حقيقتها؛ لأنه لو قلنا بجواز ذلك خرج عن كونه سلماً إلى بيع آخر، وأصبح بيع السلم ذريعة إلى بيوع أُخر، ومن هنا: الرخص لا يتجاوز بها محالها، فما جاء على سبيل الرخصة يقيد بصورته ولا يصح إلا بعقده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير