تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالحلال، وإن نظرنا إلى الداخل والنية والقصد قلنا: إنه حرام، ومن هنا يقولون: يصير مكروهاً، مثل ما ذكروا في الثوب، إن كان فوق الكعبين فهو حلال بالنسبة للرجل، وإن كان أسفل من الكعبين فإنه حرام، وإن كان على الكعبين فهو مكروه، لأنه ليس بالحرام المحض؛ لأنه لم يرد نص بتحريمه، إنما ورد النص بما أسفل الكعبين، ومفهوم (أسفل) أنه يشترط في الحكم بكونه حراماً أن يكون أسفل. فالشاهد أننا عندما قلنا: يشترط أن يكون حراماً إذا اشترط، فإذا لم يشترط اقتضى هذا الحل، وإذا جرت العادة نزلت منزلة الشرط، فإذا قصد هذا المعتاد منه قالوا: يكون مكروهاً.

حكم رد القرض بأفضل منه وقوله: [أو أعطاه أجود] كأن يستدين منه نوعاً من الإبل فقضاه بنوع أجود منه، أو استدان منه نوعاً من الطعام فقضاه أجود منه، أو استدان منه نوعاً من الثياب والألبسة والأكسية فرد أفضل وأجود منه. إذا أخذ الجيد ورد بأجود، أو أخذ الحسن ورد بأحسن، أو أخذ الفاضل فرد بالأفضل، فإنه يجوز إذا لم يكن بشرط ولم يكن بعدة ولا بمواطأة، أما الدليل على جواز ذلك، فإن السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحت بفضيلة القضاء بالأحسن، فقال صلى الله عليه وسلم: (أعطه -أي: سددوا دينه واقضوا دينه- فإن خير الناس أحسنهم قضاءً) وكونه أحسن: يدل على أنه يكون أفضل، إما في الجودة والرداءة وفي الصفات الموجودة في المذروع وفي المعدود. وإما أن تكون الجودة والأحسن في القدر، وذلك كأن يستلف منه خمسة ريالات فيرد ستة ريالات أو يستلف منه مائة ريال فيردها مائة وعشرة بدون شرط وبدون عدة.

الهدية بعد وفاء الدين وقوله: [أو هدية بعد الوفاء جاز] أي: أو أهدى إليه هدية بعد وفاء الدين جاز، كأن يستدين منك مائة ألف ريال، ثم جاءك وأعطاك المائة ألف بعد حلول الأجل وأعطاك معها ساعة أو كتاباً أو قلماً؛ لأنه يرى أن لك معروفاً عليه، وأحب أن يكافئك على المعروف؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) قالوا: هذه الهدية لما جاءت بدون شرط وجاءت بعد تمام الوفاء ولم يكن ذلك جارٍ على عرفٍ يقتضي الاشتباه جاز بدون حرمة ولا كراهة. وقد اختلف العلماء في مسألة المكافأة على الدين والرد بأفضل، وبعض العلماء يقول: إنه يجوز أن ترد بالأفضل في الصفات ولا ترد في العدد، فمثلاً: لو أخذ مائة ريال لا يجوز أن يردها مائة وعشرة، وهذا هو مذهب الإمام مالك رحمه الله، يرى أن تكافئ في الصفات لكن لا تكافئ في العدد؛ لأن المكافئة في العدد صورة الربا، فإذا أخذ مائة ريال وردها مائة وواحداً أو مائة واثنين أو مائة وعشرة فهو ربا، فهو على صورة: أن يأخذ الواحد ويرده اثنين أو ثلاثاً، واستدل بقوله تعالى: فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، فهذه المسألة فيها خلاف، وإن كان بعض الحنفية يميل مع المالكية في بعض التفصيلات، لكن المشهور الخلاف بين المالكية، وعن الإمام أحمد أيضاً رواية في رد المكافأة مطلقاً لكن الصحيح ما ذكرناه. وعندنا دليلان: الدليل الأول: في سداد الديون: فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] وهذا الأصل يقتضي أن سداد الدين يكون مماثلاً، إن كان عين الدين فلا إشكال، وإذا لم يكن عيناً كان مماثلاً في العدد والصفة؛ لأنه رأس المال، وإن لم يكن رأس المال حقيقة يكون حكماً، وظاهر هذه الآية الكريمة يمكن أن تجزم بأنه لا يجوز لأحد أن يدفع مكافأة على الدين؛ لأن الأصل يقتضي أنه كما أخذ العشرة أن يرد العشرة، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما استسلف البكر وهو نوع من الإبل، وجاء عند القضاء، فقال: (يا رسول الله! لا أجد إلا خياراً رباعياً، قال: أعطه إياه، فإن خير الناس أحسنهم قضاءً) فمن أهل العلم من قال: إن هذا الحديث ورد في الصفة، فإن الخيار الرباعي أفضل من البكر، فيجيز في المعدودات بأوصافها والمذروعات بأوصافها ويمنع في الربويات من الذهب والفضة والأطعمة، فلا يجوز أن تعطي الصاعين مقابل صاع، ولا يجوز أن تعطي الدرهمين مقابل درهم. لأنه يرى أن حديث أبي رافع في المعدودات والزيادة عنده جاءت في الصفة، فلا يجوز أن نتوسع ونجيز القضاء في المعدودات الربوية، في المكيل كيلاً بزيادة الكيل، وفي الموزون وزناً بزيادة الوزن،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير