تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العمارة على أن يسدد لك المبلغ في نهاية السنة فالدين ثابت ومستقر، وأردت أن تحيل شخصاً له عليك نصف مليون فقلت له: النصف مليون التي لك عليّ أحيلك على فلان الذي اشترى مني العمارة، فهذه الحوالة صحيحة. فهنا الدينان متفقان جنساً ووصفاً وقدراً ووقتاً وقد رضي المحال على أنه في نهاية السنة سيذهب ويأخذ المبلغ، يصح أن تحيل على ثمن العمارة إذا كنت أنت البائع، ويصح للمشتري منك الذي تطالبه بنصف المليون أن يحيلك على آخر، يعني بثمن العمارة الذي تطالبه به وهو نصف مليون، فيصح لكلا الطرفين البائع والمشتري. البائع يُحيل بدين عليه يؤخذ من قيمة العمارة، هذا بالنسبة للبائع، والمشتري يحيل البائع بدين العمارة وهي نصف مليون على شخص آخر له عليه نصف مليون، هذا بالنسبة لأصل الحوالة، فالمبيع صحيح ولا إشكال فيه، ففي نهاية السنة ذهب صاحب العمارة إلى ذلك الشخص الذي أحلته عليه فأعطاه نصف مليون، فلا إشكال؛ لأن الحوالة تمت وبرئت الذمة. العكس لو أن صاحب العمارة طالبه طرف ثانٍ بنصف مليون فأحال على المشتري، أي: أحال عليك رجل له عليه نصف مليون، فجاء في نهاية السنة وطالبك بنصف مليون وأعطيته إياها، فإذاً صحت من البائع وصحت من المشتري، هذا بالنسبة إذا كان المبيع مستوفياً للشروط. لكن لو وقعت الحوالة في مبيع باطل من أصله كمن باع خمراً أو باع ميتة أو باع خنزيراً فالثمن غير مستحق في الأصل، فإذا كان الثمن غير مستحق في الأصل فالدين غير ثابت؛ لأننا بينّا أن من شروط صحة الحوالة أن تكون بدين مستقر، والدين إذا كان أصله باطلاً لم تثبت المطالبة. فلو أنه باعه محرم العين بألف ريال، فإن هذه الألف لا تثبت والذمة لا تنشغل بها، فالبيع باطل من أصله وليس هناك دين أصلاً، فلو أحال عليه أو به لم تصح الحوالة. إذاً يُشترط في صحة الحوالة كما ذكرنا أن يكون الدين من حيث الأصل ثابتاً، وإذا كان البيع من أصله باطلاً لم يثبت الدين، وإذا لم يثبت الدين لم تصح الحوالة ويُحكم ببطلانها. هذا بالنسبة إذا بان أن البيع باطل، أو أن المبيع مستحق للغير؛ كرجل باعك عمارة بنصف مليون، وتبين أنه اغتصب العمارة أو أنها ملك لغيره، فالدين غير ثابت، فالحوالة باطلة فلو أحال عليه أو به لم تصح. ...... الحكم فيمن أحيل بثمن مبيع ثم انفسخ البيع قال رحمه الله: [وإذا فسخ البيع لم تبطل ولهما أن يحيلا]. فرق العلماء بين بطلان البيع وفسخ البيع، وفقه المسألة راجع إلى مسألة استقرار الدين، وهي أشبه بالمسألة المتقدمة معنا حينما قلنا ليس من حق الزوجة أن تحيل على زوجها في صداق قبل أن يدخل بها؛ لأن الدين لم يستقر، ومن حق الزوج أن يحيل الزوجة بذلك الدين على شخص آخر؛ لأن من حقه أن يعجل المهر. كذلك هنا فرقنا بين كون البيع باطلاً من أصله بحيث لا يثبت دين، وبين كونه ثابتاً ثم يطرأ الفسخ من المتعاقدين، أو يوجد سبب يوجب الخيار كخيار العيب ونحوه كما سنبينه. لما قلنا للزوج في الحوالة أنه إذا كان الدين مستقراً صحت الحوالة عليه وبه كما ذكرنا، وإذا كان غير مستقر فإنه يصح أن يحيل على طرف ثانٍ في دين غير مستقر فالمرأة -مثلاً- إذا كان مهرها عشرة آلاف ريال فمن حقك أن تعطيها عشرة آلاف ريال قبل الدخول فتعجل لها ذلك، فكما أن من حقك أن تعطيها العشرة آلاف قبل الدخول فمن حقك أن تقول لها: هذه العشرة التي لك عليّ أو أعطيتك إياها مهراً أحيلك على زيد أو على عمرو الذي لي عليه عشرة آلاف؛ فأحلتها وهي تطالبك بدين غير مستقر. فإذاً فقه المسألة كلها في الدين المستقر، وهنا في البيع إذا جاء وقال لها: بعتك عمارتي بعشرة آلاف ريال والعمارة صحيحة وقبضت وثبت الدين صحت الحوالة من البائع ومن المشتري بالتفصيل الذي ذكرناه، فلو أن هذا البيع الذي وقع بين الطرفين تبيّن أنه باطل من أصله، فإذاً لم يثبت استقرار الدين في الذمة فتبطل الحوالة؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، كما لو قال لك: العشرة آلاف التي لك عليّ خذها من زيد وهو ليس له على زيد عشرة آلاف وادعى أن له على زيد عشرة آلاف، فإذاً هي باطلة من أصلها. فهنا إذا بان بطلان البيع فكأنه أحالك على شخص ليس له عليه شيء، لكن لو أن البيع صح ثم إن الطرفين اتفقا على الإقالة؛ فحينئذٍ يفرّق بينهما؛ لأن البيع أثبت الحق وإذا ثبت الحق فكونهما بعد ذلك يريان فسخه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير