تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أفلس فهو أحق به) ولم يقل: وليرد ما أخذ. فدل على أنه قد عاوضه وساومه على ذلك البيع دون أن يدفع له مقدماً أو شيئاً من ثمنه، فإن دفع شيئاً من ثمنه فجماهير العلماء على أنه لا يستحق الرد. وأما بالنسبة لهذا المتاع كالسيارة أو الأرض أو العمارة إذا وجدت بعينها، فإما أن تكون قيمتها مساوية لقيمة بيعها، مثال ذلك: لو أن رجلاً اشترى سيارة بمائة ألف ثم أفلس بعد شهرين من البيع، أو اشتراها بمائتي ألف وأفلس بعد سنة والسيارة قيمتها مائة ألف لم تختلف؛ فحينئذٍ لا إشكال وسيطالب بسيارته؛ ولو لم يطالب بالسيارة فسيدخل ضمن الدين ويكون له بعض قيمتها وليس الكل، أي: سيدخل مع الغرماء مشاركاً لهم، والأفضل له أن يأخذ السيارة ويبيعها بدل أن يتركها حتى تكون أسوة للغرماء. فالحالة الأولى: أن تكون القيمة لم تختلف، فالحكم أنه إذا رضي صاحب المتاع وطلب صاحب المتاع أن ترد له ردت. الحالة الثانية: أن تكون القيمة أكثر، فلو أن هذه السيارة باعها الرجل أو الغريم بمائة ألف، ثم اشتراها المفلس ديناً إلى نهاية السنة وقبل نهاية السنة حجر عليه، فلما تمت سنة لهذه السيارة أصبحت قيمتها مائة وخمسين ألفاً، أي أنها زادت بمقدار الثلث، فمن حقه أن يطالب بعين السيارة ولو أصبحت بأغلى مما بيعت به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به) ولم يفصل بين كونه أغلى أو أرخص أو مساوياً، فأخذ جمهور العلماء من هذا دليلاً على أنه يستحق رد السيارة غالية أو رخيصة وكأنه إلغاء للبيع الأول. الحالة الثالثة: أن تكون قيمة السيارة أنقص، كأن يبيعه إياها بمائة ألف وتصبح قيمتها ثمانين ألفاً أو تسعين ألفاً أو سبعين ألفاً، فنقول له: أنت بالخيار بين أن تدخل أسوة للغرماء في أمواله على قدر دينك، وبين أن تأخذ السيارة لقاء دينك الذي هو قيمة السيارة، ولا شيء لك من قيمة السيارة، وهذا على ظاهر السنة في الصحيحين من حديث أبي هريرة المتقدم.

حكم من وجد متاعه بنقص عند مفلس الصورة الثانية: لو أن هذه السيارة نقص منها شيء أو تغير فيها شيء بالنقص، أو تغير فيها الحال بالزيادة، فلا يخلو النقص إما أن يكون النقص بآفة سماوية أو بسبب من المشتري الذي هو المفلس، أو يكون النقص بسبب من أجنبي، أي: ليس من البائع ولا من المفلس المشتري. الحالة الأولى: أن يكون النقص بآفة سماوية، كرجل اشترى منه رجل دابة ثم أصابها الشلل، فشلت يمينها أو شلت رجل منها، فهذا النقص حصل بآفة سماوية وليس بتفريط من المشتري -المفلس- وليس من أجنبي. أو كرجل اشترى منه رجل أرضاً، فجاء السيل واجتاح ثلثها أو نصفها فهذه آفة سماوية. أو كرجل اشترى منه رجل مزرعة، فجاء إعصار فأحرق ربعها، هذه كلها آفات سماوية، فالسؤال الآن: لو وجد متاعه على هذه الصفة بالنقص فهل يطالب بالرد، ويطالب المشتري بالضمان، أم أنه يأخذ عين المتاع؟ والجواب: أن يقال له: إن كان النقص بآفة سماوية، فإنك تستحق عين المتاع، ولا ضمان في الآفات السماوية على المشتري، لتقريرنا هذا في باب البيع حينما تكلمنا على مسائل العيوب في المبيعات، وأن من حقه أن يستردها دون أن يضمن المشتري. وبناءً على ذلك فإننا نقول له: أنت بالخيار بين أمرين: أن تقبل هذه السيارة وهذه الدابة وهذه الأرض معيبة بحالها ما دام أنها بآفة سماوية ولا ضمان في هذه الآفات ويسقط دينك كاملاً، فإذا كانت قيمة السيارة مائة ألف، فإنه يأخذها بعد الخسارة التي فيها بالمائة ألف على أنه رد لعين المتاع، فيصبح كأنه إلغاء للبيع الماضي أو البيع السابق على أن لا تكون هناك مطالبة بالمال الذي بيعت به السلعة. الحالة الثانية: أن يكون النقص بسبب المشتري -المفلس- ففي هذه الحالة إذا كان النقص بسبب المفلس فمذهب طائفة من العلماء -رحمهم الله- أنه إذا حصل النقص بإتلاف للجزء ففيه تفصيل: إما أن يمكن فصل المبيع، كأن يكون اشترى منه سيارتين كل سيارة بخمسين ألفاً فأتلف المشتري -المفلس- إحداهما وبقيت الثانية؛ فحينئذٍ نقول له: خذ الثانية بقيمتها من أصل البيع، أي: أنت بالخيار، إن أردت أن تأخذ متاعك فتأخذ الباقية وهي السيارة، فلو كانت قيمة السيارتين مائة ألف، إحداهما بخمسين والثانية بخمسين وأتلف إحداهما قالوا: من حقه أن يأخذ الثانية بخمسين ألفاً وتسقط الخمسين، وهذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير