تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مبني على مسألة تفريق الصفقة. فالسيارتان في صفقة واحدة، لكن يفرق بينهما بوجود العيب في الثانية، فيبقى ضمان الثانية على ملك المفلس، فيأخذ خمسين ألفاً ويأخذ السيارة لقاء خمسين ألفاً، وتبقى ذمة المفلس مشغولة بالخمسين الباقية، وقد يكون الأحظ له والأفضل أن يفعل هذا؛ لأنه لو كان هناك رجلان كل منهما له مائة ألف على المفلس، فهو في هذه الحالة إذا كانت له مائة ألف مقسومة بين السيارات كل سيارة بخمسين ألفاً فمعناه أنه لو أخذ السيارة السليمة فإنه سيستعيد نصف دينه، لكن إذا لم يأخذها ودخل مع الآخر فإنه سيتحصل على ما يقرب من ربع الدين وهو خمسة وعشرون ألفاً؛ لأن السيارة ستباع ويكون له نصف المبيع وهو الشيء ونصفه، وهو القيمة التي ذكرناها، وهي ربع الصفقة خمسة وعشرون ألفاً. فالأفضل له أن يأخذ السيارة ويبقى له نصف الدين أسوة مع الغريم الآخر. وعلى هذا: إذا كان النقص على هذا الوجه فإنه يضمنه المشتري. الحالة الثالثة: أن يكون النقص بسبب أجنبي، فمذهب طائفة من أهل العلم -رحمهم الله- أنه إذا أتلف جزءاً من السيارة، فإن الضمان حينئذٍ يكون على الأجنبي، ثم يخير مالك السيارة بين الرجوع على المشتري أو على الأجنبي الذي أتلف.

حكم من وجد متاعه بزيادة عند المفلس إذا تغير المبيع بالزيادة كجارية حملت أو سمنت، أو اشترى منه بقرة أو ناقة أو شاة وحسن حالها وصلح، فإنه إذا كانت الزيادة متصلة لا يمكن فصلها عن المبيع؛ فإنه يردها، ولا يطالب بقدر تلك الزيادة؛ لأنها كانت على ضمانه. وأما إذا كانت الزيادة منفصلة فاختلف العلماء رحمهم الله، وقد قدمنا هذا في مسألة خيار العيوب هل تكون تابعة للمبيع أم لا، والأشبه والأقوى أن تكون غير تابعة للمبيع وذلك على حديث المصراة الذي ذكرناه.

حكم المطالبة بعين المتاع إذا وجد بعد موت المفلس يبقى معنا من مسائل الحديث في قوله عليه الصلاة والسلام: (من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس) لو أن هذا الرجل وهو المفلس مات، فقال طائفة من العلماء: إنه إذا مات فحينئذٍ يصبح مالك المتاع مع الغرماء سواءً بسواء، أي: يشترط شرط آخر لاسترداد المتاع وهو ألا يموت المفلس، فإن طالب بمتاعه بعد موت المفلس فإن المال ينتقل للورثة وحينئذٍ يكون أسوة مع الغرماء، وهذا ما اختاره المصنف -رحمه الله- وطائفة من أصحاب الإمام أحمد رحمة الله عليهم. والصحيح ما ذهب إليه جمع من أهل العلم: أنه إذا مات فإنه يستحق الرد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس). فأثبت بظاهر الحديث للمالك الحقيقي -الغريم- أن له اليد على متاعه إن وجده بعينه، ثم الموت لا يوجب النقل؛ لأن الله تعالى قال في كتابه في الميراث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] فجعل ملكية المال للورثة بعد الوصية والدين. وعلى هذا فالدين يمنع انتقال المال للورثة، وعلى هذا تتعلق ذمة الميت بسبب هذا الدين، وسنبين -ذلك إن شاء الله تعالى- في مسألة: هل يحل الدين بالموت أو لا يحل، وهي الجملة التي تلي هذه الجمل. والذين قالوا: إنه إذا مات تسقط المطالبة؛ استدلوا بمرسل أبي داود رحمه الله، وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن مات فهو أسوة الغرماء) ولكنها رواية ضعيفة، والأصل بقاء الحديث على ظاهره، ولم تصح رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ.

كيفية بيع مال المفلس قال رحمه الله: [ويبيع الحاكم ماله]. قوله: (يبيع الحاكم) الحاكم: القاضي، وقوله: (يبيع) يعني: يأمر ببيع متاعه، وإذا أراد أن يبيع أو يأمر بالبيع فالجاري عند قضاة الإسلام عادة أنهم يرجعون إلى أهل الخبرة، فالقاضي بنفسه لا يتولى البيع، وإنما يبحث عن أناس من التجار معروفين بالأمانة والصدق والحفظ، فيقول لهم: هذا مال فلان قوموا عليه. فيقومون عليه ويتولون أمره. وقال بعض العلماء: يشرع للقاضي أن يجعل لمن يتولى بيع المال حظاً من بيت المال. أي: هؤلاء الذين يتولون النظر في أموال المفلسين لبيعها يكونون تابعين للقضاء ويفرض لهم شيء من بيت مال المسلمين. فإذا قام هؤلاء الذين ينظرون في هذا المال، فالأولى أن يكون المفلس حاضراً، وذلك لكي ينظر الأحظ لماله، ويقام هذا المال بأفضل الأسواق، حتى لا يكون هناك ظلم للمالك الحقيقي، فيلتمس أفضل الأسواق؛ لأن هذا فيه مصلحة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير