تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للمالك الحقيقي ومصلحة للغرماء حتى تسدد ديونهم. ثم بعد ذلك يعرض المال للبيع، ولا تقبل الزيادة ممن جاء يساوم ويزيد إلا ممن لا تهمة فيه. ...... كيفية قسمة مال المفلس بين الغرماء يقول رحمه الله: [ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه] هذه المسألة أجمع عليها الصحابة -رضوان الله عليهم- كما في قصة العول، فإن امرأة توفيت وتركت زوجاً وأختين، فنصيب الأختين الثلثان، ونصيب الزوج النصف، ولا يمكن أن ينقسم المال عليهم. فاستشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابة رضوان الله عليهم، فأمروه أن يرد المسألة إلى سبع، فقال الزبير رضي الله عنه وأرضاه: (يا أمير المؤمنين ما أرى هذه المسألة إلا كرجل مات وعليه دين عشرة وقد ترك سبعة، فإننا نقسم المال على قدر حصص أصحاب الديون). توضيح ذلك: مثلاً: عندنا مفلس بعنا متاعه بمليون، والديون التي عليه مليونان، والمليونان كل رجل له نصف مليون، فالمليون التي تحصلنا عليها من البيع ننظر حصة كل غريم من أصل الدين، فالذي له نصف الدين يأخذ نصف المليون التي بيع بها، ثم الذي له النصف الآخر يأخذها. مثال آخر: لو أن ثلاثة أشخاص لهم دين على رجل تسعين ألفاً، كل رجل له ثلاثون ألفاً، فأصبح كل واحد منهم سهمه ثلث المال فيستحق ثلث الدين، الأول له الثلث، والبقية كل منهما له الثلث. فلو أن هذا المفلس بيع متاعه بستين ألفاً، فالدين تسعون ألفاً، والستون لا يمكن قسمتها على تسعين، فحينئذٍ ما العمل؟ نقسم الستين ثلاثة أثلاث، ويعطى كل واحد منهم ثلثاً -عشرين ألفاً- فيأخذ كل واحد منهم الثلث من مال المفلس؛ لأن هذا هو حقه في أصل الدين أنه يستحق الثلث. ولو كان هناك ثلاثة أشخاص أحدهم له نصف الدين، والثاني له الربع، والثالث له الربع، فحينئذٍ تقسم المال الذي نتج عن البيع على أربعة، تعطي من له النصف اثنين من أربعة الذي هو النصف، وتعطي من له الربع كل واحد منهما واحداً من أربعة، وهذا معنى يقسم على قدر دينهم. ...... حكم الدين المؤجل عند الحكم بفلس المدين قال رحمه الله: [ولا يحل مؤجل بفلس] في هذه المسألة قصد المصنف أن يبين أن الحكم بفلس المديون لا يستلزم حلول الدين المؤجل، فلو أن رجلاً مفلساً عليه مائة ألف، خمسون منها قد حلت ويثبت بها الحجر، وخمسون منها تحل بعد السنة، وكان عنده بيت قيمته ثلاثون ألفاً، فحينئذٍ طالب أصحاب الدين بأن يحجر عليه، فنحجر عليه لقاء أصحاب الخمسين الحالة. لكن لو جاء صاحب الدين الذي لم يحل بعد، فهل من حقه أن يزاحم أصحاب الديون الحالة، أم ينتظر حتى حلول أجل دينه؛ لأن الضرر قائم عليه؛ لأنه لو بيع البيت صار غريمه مفلساً؟ والجواب: قول المصنف: (ولا يحل مؤجل بفلس) أي: أنه إذا حكم بفلس إنسان فإنه لا تحل الديون المؤجلة عليه، هذا بالنسبة لمسألة حلول الدين. والسبب في هذا: أن صاحب الدين قد رضي بتأجيله فلا يحكم له قبل وقته، ونحن ذكرنا في الحجر على المفلس أنه يشترط في الحجر عليه أن يكون الدين قد حل، فإذا كان دينه لم يحل فليس من حقه المطالبة. ...... حكم الدين المؤجل إذا مات المفلس قال المصنف رحمه الله: [ولا بموت إن وثق ورثته برهن أو كفيل مليء]. قوله: (ولا بموت) يعني: ولا يحل إن مات المفلس. كرجل عليه دين مؤجل، ثم توفي وترك لورثته مائة ألف، والذي عليه خمسون ألفاً، ولكن هذه الخمسين إلى نهاية السنة، فهل تحل ديونه؟ للعلماء قولان في هذه المسألة: - فمن أهل العلم من يرى أن الميت تحل ديونه بالموت ولو كانت مؤجلة، ولذلك قالوا: من مات حلت ديونه ويجب على ورثته المبادرة بالسداد. - وقال طائفة من العلماء: الموت لا يخالف الحكم، فيبقى الحكم مستصحباً وسارياً، فالدين المؤجل مؤجل. والصحيح: أن الدين يحل بالموت؛ لأن الميت ترهن نفسه به، وهذا عذاب للميت، ودل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه). فالميت معلقة نفسه بالدين، ولذلك قال بعض العلماء: هذا الحديث مشكلة عند أهل العلم في قوله: (نفس المؤمن معلقة بدينه) وفي رواية (مرهونة بدينه). فقال طائفة من العلماء: يحبس عن النعيم ويحال بينه وبين النعيم حتى يقضى دينه، فنفسه لا تتنعم إلا بعد قضاء دينه؛ لأنه قال: (نفس المؤمن مرهونة) وأصل الرهن: الحبس، كما في قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير