مختلفة وليس من حيوان واحد، لذا فإن بعض هذه الأجناس أرقى من البعض الآخر.
(3) كانت هذه الفرضية هي الخلفية الفلسفية لما يسمى بـ «الثورة الجنسية» Sexual Revolution أو الإباحية الجنسية التي انتشرت في العالم الغربي وفي العالم الشيوعي ... إذ ما دام الإنسان سليل الحيوانات فإن الخلق والضمير والمثل الأخلاقية والعفة ليست إلا خرافة وخداعاً للنفس، وما على الإنسان إلا إتباع غرائزه تماماً كما يفعل أجداده من الحيوانات. إذن فإن هذه الفرضية – علاوة على عدم صحتها من الناحية العلمية كما سنبرهن على ذلك في الكتاب – إهانة كبيرة للإنسان ونزع للهوية الإنسانية منه ولصق الهوية الحيوانية على جبينه، فإذا تم هذا فليس من العسير تصور الآثار النفسية العميقة التي ستتبع ذلك، وإن الإنسان ليعجب من الذين يصرون على «حيوانية الإنسان» ثم يستغربون بعد ذلك زيادة حوادث الاغتصاب والجرائم الخلقية الأخرى وانتشار المخدرات وتحلل الروابط العائلية، وزيادة جرائم القتل والسرقة .. الخ. أليس ذلك عجيباً؟
أليس عجيباً أن توحي للناس بأنهم ليسوا سوى أحفاد حيوانات ثم تتوقع منهم ألا يتصرفوا كحيوانات؟ وأية مدرسة تربوية تستطيع في ظل الإيحاءات المدمرة لهذه الفرضية أن تربي وترشد أجيال الشباب؟ وكيف تستطيع ذلك؟.
(4) إن جميع الكتب السماوية أكدت أن الإنسان من نسل آدم (عليه السلام)، وهذه الفرضية نشرت الشك والإلحاد في النفوس، لذا فأننا نرى أن الفلسفة الماركسية وجميع الفلسفات الإلحادية الأخرى تتبنى هذه الفرضية بحرارة، لا لكونها فرضية «علمية»، بل لكونها تؤيد الأفكار الإلحادية وتقوم بتفسير الكون والحياة دون الحاجة إلى وجود الخالق. أي أن المسألة مسألة «إيديولوجية» مرة أخرى وليست علمية، وكان (كارل ماركس) من أكبر المعجبين بـ (جارلس دارون) وقد أهداه نسخة من كتابه «رأس المال» مع إطراء شديد له. لأن (ماركس) رأى في فرضية التطور القائمة على «الصراع وبقاء الأنسب» في عالم الأحياء وكأنها تطبيق لنظريته في «حرب الطبقات» في المجتمع الإنساني.
إذن، فأن فرضية التطور هي أكثر الفرضيات نشراً لليأس والقنوط والشعور بالانحطاط والإلحاد، وأكثر الفرضيات هدماً للنفوس وللمجتمعات وهي أكثر الفرضيات بعداً عن العلم وعن الحقيقة وأكثرها قرباً من الخيال والفرضيات البعيدة عن الواقع، لذا فلن نكف عن محاربتها وتعريتها ولكن ليس بالأسلوب الإنشائي أو الخطابي أو العاطفي، بل بالأسلوب العلمي وبالأدلة العلمية، ونحن على إستعداد للدخول في أي نقاش علمي حول هذا الموضوع في الصحف والمجلات.
فألف وترجم في هذا المجال العديد من الكتب:
(1) دارون ونظرية وتطور: للعالم التركي شمس الدين آق بلوت،ترجمه عن التركية، مطبعة الزهراء الحديثة، الموصل.
وعندما أهدى نسخة من الكتاب الى الدكتور علي الوردي صاحب كتاب (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) قال:
(لقد غير هذا الكتاب من أفكاري تجاه التطور ونظرية دارون).
ويقول الاستاذ في تقديمه للكتاب:
تعتبر نظرية دارون إحدى النظريات التي شغلت العالم ولا تزال تشغله، ذلك لأنها نظرية تريد تقديم تفسير لأصل الانسان، بل لأصل الحياة ونشأتها على هذه الارض، ولا يشك أحد ان هذا الموضوع يهم الانسان كثيراً، فهو يهمه من ناحيتين: من الناحية العلمية ومن الناحية العقائدية.
والذي نراه ان ارتباط هذه النظرية بمسائل العقيدة والإيمان هو الجانب الذي أعطى هذه النظرية مثل هذه الأهمية التي لا نشاهدها في النظريات العلمية الأخرى التي قلما اهتم بها اوساط الناس قدر اهتمامهم بهذه النظرية.
والذي يؤيد رأينا في هذا الموضوع هو محاولات التزوير العديدة التي جرت سابقاً- وقد تكون تجري حالياً- لمحاولة الايهام بصحة هذه النظرية. فعملية التزوير الشهيرة في موضوع «انسان بلتداون» Piltdown Man وعملية الصور المزيفة التي قام بها العالم الالماني «ارنست هانيرش هيكل» (1834 - 1919) والتي اعترف بها في مقالته المنشورة في 14كانون اول سنة 1908 والمعنونه بـ «تزوير صور الأجنة» ... هي عمليات معروفة في الاوساط العلمية. ومثل هذه العمليات لا نجد لها نظيراً عند أصحاب النظريات العلمية الأخرى سواءً في الفيزياء او في الكيمياء اوفي الطب او في أي علم آخر، ولا نجدها عند
¥