تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لخص السيوطي في "طبقات الحفاظ" تذكِرَة الذهبي وأتمها إلى عصره، فجمع فيها من يُرْجَع إلى اجتهادهم في توثيق الرواة وجرحهم وتضعيفهم وتصحيح مروياتهم، ورتبها على أربع وعشرين طبقة تبدأ بالطبقة الأولى طبقة الصحابة، وتنتهي الطبقة الأخيرة بشيخ الإسلام الحافظ الشهير ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 853 هـ.

وقد احتوت كل ترجمة - غالبا - على اسم الحافظ وكنيته ونسبه (10)،، ثم بيان أهم شيوخه، وأهم أصحابه، وبيان تاريخ وفاته - وقد يذكره سَنَة مولده أحيانا -، وسياق بعض الأخبار عن الحافظ وشيء من مؤلفاته، وبعض أقوال العلماء فيه مما يكشف عن مبلغ علمه وعدالته، وشيء مما قيل فيه من عدالة وثناء، كل ذلك في إيجاز، فلم تتجاوز غالب تراجمه نصف الصفحة من القطع المتوسط.

ولم يتقيد السيوطي بما في تذكرة الذهبي فجاء فيه بآراء ونقول ليست فيه (11)، فقد كان السيوطي يختار ويؤلف أيضا، مما لا يُستغنى معه عن أي من الكتابين.

والكتاب يقدم للقارئ موسوعة صغيرة الحجم واسعة المجال عبر تسعة قرون من تاريخ الإسلام، تعرضت لأكثر من ألف ومائة من عيون أعلام الأمة، يقدم عن كل منهم فكرة موجزة مفيدة، ومثالا يُحتذى.

ولقد صَوَّرَت "طبقات الحفاظ" مقاييس الثقافة في العالم الإسلامي في كل فترة من الفترات التي تناولتها، واتجاهات العلماء الدراسية واهتماماتهم العلمية في العلوم المختلفة، وطُرُق التدريس والإملاء والمناظرة والمذاكرة، والحلقات العلمية، وأماكن الدراسة في المساجد والجوامع والبيوت والربط، والمدارس المعنية بتدريس مذهب أو مذهَبَيْن أو المذاهب الأربعة في شتى أنحاء العالم الإسلامي.

كما حَفِظَ لنا الحافظ السيوطي في كتابه عددا هائلا من أسماء الكتب ووصفها مع تزويد الدارس بالمعلومات المتعلقة بها مما يمَكن أن يشكل فهارس مكتبية (ببليوغرافيا) ضخمة.

ولقد حَظِيَ الكتاب بتحقيق علمي طيب قام به الأستاذ علي محمد عمر (12) الذي حقق الكتاب عن نسخة مكتبة مصطفى فاضل بدار الكتب المصرية (رقم 59 تاريخ م)، ونسخة المكتبة التيمورية (رقم 473 تاريخ – تيمور) فجاء تحقيقا جيدا، أقام النص وصححه، وضبط كثيرا من أعلامه، وأدَّى للكتاب حقه، مذيِّلا بفهارس الأعلام، والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأشعار، والقبائل والأمم والفِرَق، والأماكن والبلدان والمياه، والأيام والوقائع والحروب، والكتب، وقامت بنشره مكتبة وهبة، القاهرة، 1393 هـ / 1973 م، في 717 صفحة، من القطع المتوسط، احتل نص الكتاب منه 548 صفحة.

أما نسخته الإلكترونية الصادرة ضمن أسطوانة (مكتبة التاريخ والحضارة الإسلامية) عن (شركة التراث، عَمَّان) والتي اعتمدت على طبعة (وترقيم صفحات) دار الكتب العلمية بيروت سنة 1403 هـ، فلا تعدو أن تكون عملا تجاريا معيبا (13).

** الحواشي:

(1) هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين، الخضيري، المعروف بـ "جلال الدين السيوطي" (849 هـ / 1445 م - 911 هـ / 1505 م):

محدثٌ، حافظ، فقيه، مفسر، لغوي، نحوي، مؤرخ، أديب، بلاغي، مشارك في علوم عدة.

انظر: ابن العماد: شذرات الذهب 8/ 51: 55، الزركلي: الأعلام 3/ 301: 302، كحالة: معجم المؤلفين 5/ 128: 131، الموسوعة العربية الميسرة ص 1059، أحمد عطية الله: القاموس الإسلامي 3/ 622: 625

(2) استفدنا في بحثنا هنا من مقدمة الأستاذ علي محمد عمر لتحقيق طبقات الحفاظ.

(3) وهذا جلي في تواريخ المسعودي والطبري وابن كثير وابن الجوزي وابن خلدون والمقريزي وغيرهم.

(4) هذا قول منسوب إلى محمد بن سيرين وإلى مالك وغيرهما رحمهما الله تعالى، رواه عنهما وعن غيرهما غير واحد من أهل العلم. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/ 611، 5/ 343، ابن فرحون: الديباج المذهب 1/ 21، ابن أبي يَعْلَى: طبقات الحنابلة 2/ 38، وانظر: فتح المغيث للسخاوي 1/ 326 (ط. دار الكتب العلمية، بيروت)

(5) نلفت نظر القارئ أن الكثير من السلف يعبر عنها باسم (طبقات الحفاظ) أيضا، وهذا كثير في تعبير الحافظ ابن حجر عنها في لسان الميزان (مثلا ج 1 الترجمة 701، 1120، ... وغيره، بل لعلنا لا نجد من السلف من سماه بتذكرة الحفاظ، فينبغي أن لا يُخلط بين طبقات الحفاظ للذهبي وطبقات السيوطي.

(6) سبق تقديم بحث عن تذكرة الحفاظ في هذا الباب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير