تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

س/وهل الفَصِيْلَةُ من طبقات النسب؟ < o:p>

الفصيلة ليست من طبقات النسب، وقد عدَّها بعض النُّسَّاب الطبقة السادسة من طبقات النسب، وهذا غلط، وعرَّفوها بأنها ما انقسم فيه أنساب الفخذ، ومثَّلوا لها الرُّكْبَة التي تنفصل من الفخذ، وإنما نَدَرَتَ الفصيلةُ عن أن تكون من طبقات النسب لأنها لا تستوعب نفس المتكلم المنتسب، فلو قال العلوي: إن آل عمنا العباس بن عبد المطلب هم فصيلة من فصائل هاشم، فهو يعني أنه من فصيلة أخرى من فصائل هاشم، فالفصيلة إنما تكون على هامش النسب، كحال آل أبي طالب؛ وآل العباس؛ وآل أبي لهب؛ وغيرهم من أولاد عبد المطلب بن هاشم مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم، كل أولئك فصائل أسرة هاشم في ذلك الزمان. فالفصائل هم الأحياء وجمعه حَيٌّ، حيث انفصلوا من الأسرة، فكل واحد من أولئك يقال فيه أنه حيّ مِن أحياء هاشم بن عبد مناف. وهي كالأصابع بالنسبة للكف.< o:p>

س/حدِّثني؛ كيف تنشأ طبقة النسب؟ < o:p>

طبقة النسب تنشأ متى ضَعُفَتْ العصبية لعامل الزمان الذي يباعد الأنساب ويُطِيلُ أذيالها، فتنشأ الطبقة متى شعر الفردُ بِوَهَنِ النُّعرة والنصرة عند الشدائد والجوائح، فمن ثم يَسْتَقطِبْهم ذِكْرُ جَدٍّ قريبٍ يجدِّد لهم العصبية والحمية والنصرة، وهكذا دواليك تتجدد العصبية وعنها تنشأ طبقة جديدة من طبقات الأنساب، فمتى نشأت طبقة جديدة تغير اسم الطبقة التي قبلها إذ ترقى، فيصير الفخذ بطناً، والبطن عمارة ..

والمقصود بالعصبية هنا ليس الحكم المُسبق؛ والحكم الجائر؛ أو الحَمِيَّة الجاهلية، وإنما المقصود بالعصبية عند أهل النسب النُّعرة الحميدة التي هي من لوازم القرابة؛ والتي منها النجدة والنصر والشفاعة؛ حيث يدور أهلُ بيتٍ في فلك أبٍ ينتسبون إليه يكون لهم كالقُطْبِ مِن الرَّحَى، وهذا أمر طبيعي؛ ومُسَلَّم؛ لا مورد للخلاف فيه، فالعصبية من صلة الرحم؛ ودليل على تماسك أهل البيت الواحد، وانسجامهم مع بعضهم، ووطنيتهم، وكرم محتداهم، وهي مطلوبة شرعاً، فحفظ النسب من مقاصد الشريعة، كما مر في السبب الذي من أجله تنشأ طبقة ما من طبقات النسب. فالحَمِيَّةُ خصلة محمودة، فأنت تنصر قريبك المظلوم بها حتى يسترد حقَّه {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}، وهي في الدنيا أما في الآخرة فقد بيَّن الله مصيرها في قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} كناية عن عدم النصير، فنفسك نفسك!. وأنت تنصر قريبك الظالم بها أيضاً بِمَنْعِه عن الظُّلم وَبِرَدِّهِ إلى رُشْدِه، وهي من جِبِلَّة الإنسان، لأن الإنسان مدني بطبعه، ولذا فإن العصبية مُتَوافِرَة في المجتمعات الإنسانية كافة؛ ولدى أهل كل طبقة من طبقات النسب؛ ولكن بتفاوت بينها ولا شك، وهذه سُنَّة الله وإلا نتج شرٌّ عظيم، ولذا فإنها متدرجة من الأخص إلى الخاص إلى العام إلى الأعم لدى كل فرد من أهل الديانات والأجناس المختلفة، ولذا فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما صعد الصَّفا رتَّب قريشاً على مراتب في شدة تعصبها له صلى الله عليه وآله وسلم. < o:p>

س/هل من زيادة توضيح؟ < o:p>

نعم، إنَّ هذه الطبقات التي للنسب إنما تظهر وتتميز عن بعضها عند الشدائد والنكبات والجوائِح عنوةً لا عن اختيار، فنجد طبقات النسب تترتب على هذا النمط في التفاف أفراد القبيلة حول الفرد وبتعصب كل بني أب عند ذِكْرِه وبانضمامهم إلى بعضهم دون بني عمهم، فكلما كانت جماعة هي أقرب من غيرها كانت في العادة هي الأخص بالفرد، والأكثر حمية وغيرة له، وأشد دفاعاً عنه، وأكثرهم استماتة في سبيل نصرته، فالناس أبناء الجد الواحد يتشكلون هكذا تلقائياً في الأمور المهمة متى صاح صائحٌ؛ وبالتالي تتبين لنا تلك المفاصل في جسم القبيلة، وبالتالي نعرف الخاص والأخص، والعام والأعم؛ فالاعتضاد بالعشيرة والتكثّر بها يكون وفق درجات بحسب القرب، وعلى قدر ذلك القرب يكون الولاءُ والوفاءُ، وعلى قدر البُعد يكون البراءُ والجفاءُ، وهذا أمر مُسلَّمٌ جداً ولا نعرف فيه خلافاً.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير