لا يظهر ما يمنع شرعاً من زراعة شعر اللحية، سواء أكان بسبب تساقطها أو لضعف نموها خلقة، أو لتفرق الشعر على اللحيين على هيئة تشوه منظر الوجه؛ لأن ذلك ليس من الوصل المحرم، ولا يدخل في النهي عن تغيير خلق الله كما تقدم.
2 - زراعة شعر الشارب:
أمر الشارع بحف الشارب وتقصيره، وزراعته تتعارض مع مقصود الشارع في هذا الأمر، فالأظهر المنع منه، إلا إذا كان هناك تشوه خلقي في الشارب فلا بأس بزراعته ليكون متناسقاًَ مع مراعاة قصه وتخفيفه كلما طال.
3 - زراعة شعر الحواجب والأهداب أو وصله بشعر صناعي (الرموش الصناعية):
إذا كان الغرض من هذه الزراعة أو الوصل إزالة تشوه أو عيب في الحواجب والأهداب لقصرها أو تناثرها أو تعرضها لحريق أو حادث ونحو ذلك فلا يظهر ما يمنع شرعاً منها؛ لأنها من باب العلاج لدفع الأذى الحاصل بقلة الشعر، ولا يدخل ذلك في الوصل المحرم؛ لحديث ابن مسعود –السابق- قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء". رواه أحمد
أما إذا كانت الحواجب والأهداب على خلقتها المعهودة عند عامة الناس ويراد من الزراعة تكثيفها وزيادة طولها فالأظهر المنع من ذلك؛ لأنها في معنى الوصل المنهي عنه، إذ الوصل محرم سواء أكان في الرأس أم في غيره. قال ابن الأثير: "الوصل: وصل الشعر بشعر آخر" [1]. يدل على ذلك عموم النصوص الواردة فيه:
ففي حديث معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زورا" رواه أحمد.
وفي حديث جابر قال: "زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصل شعرها بشيء". رواه مسلم.
ثانياً-إزالة شعر الوجه:
الشعر منه ما يضفي على الموضع الذي هو فيه زينة وبهاء فيكون مرغوباً فيه ويراد تكثيفه، ومنه ما ليس كذلك فيراد إزالته.
وإزالة الشعر تكون بطرق متعددة:
- فمنها ما لا يحتاج إلى تدخل جراحي، كالحلق والنتف بالحلاوة أو بالملقاط ونحوهما واستعمال المستحضرات الموضعية التي تضعف الشعر وتسقطه. وهذا النوع من الإزالة مؤقت، إذ لا يلبث الشعر أن يعاود الظهور مرة أخرى.
- ومنها ما يحتاج إلى تدخل جراحي كالإزالة بالليزر أو التحليل الكهربائي، وهذا النوع يغلب عليه أنه طويل الأمد.
وفيما يلي حكم إزالة كل شعر من الشعور التي في الوجه:
1 - إزالة شعر اللحية للرجل:
لا تجوز إزالة شعر اللحية مطلقاً، سواء أكانت بالحلق أم بالتقصير أم بالنتف أم بغير ذلك؛ للأحاديث الواردة في الأمر بإعفائها، والخلاف في هذه المسألة معروف وليس هذا موضع ذكره.
ويستثنى من ذلك ما إذا احتاج لحلق بعض المواضع منها للتداوي أو لإجراء عملية ونحو ذلك، فلا بأس به، بشرط أن يقتصر في ذلك على قدر الحاجة، إلا إن كان حلق بعضها يشوه منظره ويسبب له الأذى فالذي يظهر أنه يجوز حلقها كلها مرة واحدة لتنمو كلها متناسقة.
2 - إزالة شعر الشارب للرجل:
المشروع في الشارب هو الحف والإحفاء، أما الحف فهو الأخذ من أطرافه، وأما الإحفاء فهو الأخذ من جميع الشارب حتى ينهكهه.
وإزالة الشارب بالحلق محل خلاف بين أهل العلم، والأقرب فيه الكراهة، وأما إزالته بالكلية بالليزر ونحوه بحيث لا يعاود الظهور مرة أخرى فالأقرب فيه التحريم؛ لما فيه من التشبه بالنساء.
3 - إزالة شعر الحاجبين:
يكثر في أوساط النساء ترقيق الحاجبين بإزالة حوافهما، إما بنتفها أو إزالتها بالليزر، أو بحلقها، وفيما يلي بيان حكم كل منها:
أولاً- نتف الحواجب:
نتف الحواجب محرم؛ للأحاديث السابقة في تحريم النمص، وهو نتف شعر الحواجب، كما تقدم.
ومن العلماء من قيد النهي عن النمص بقيود اجتهادية، فبعضهم قيده بما إذا فعلته المرأة تزيناً لغير الزوج أما إذا فعلته تزيناً للزوج فيجوز، وبعضهم قيده بما إذا فعلته بغرض التدليس على خاطب ونحو ذلك، أو إذا لم يأذن به الزوج [2]، إلا أن ظاهر النصوص إطلاق النهي وعدم تقييده بشيء مما ذكر؛ إذ لو جاز النمص تزيناً للزوج لكانت المرأة العريس التي تساقط شعرها وتريد أن تصله لتتزين لزوجها أولى بتجويزه لها، ومع ذلك نهاها النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أسماء بنت أبي بكر السابق.
¥