3ـ وكما حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، أن أبا يوسف أملى عليهم هذه المعاني كما ذكرناه.
وقالت طائفة منهم: يقول في ذلك " أخبرنا " ولا يجوز أن يقول في ذلك:" حدثنا " إلا فيما سمعه من لفظ الذي يحدث به عنه.
قال أبو جعفر ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيما اختلفوا فيه منه، فلم نجد بين " الحديث " وبين " الخبر " في هذا فرقاً في كتاب الله عز وجل، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما في كتاب الله عزوجل ن فقوله عز اسمه: {يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها} فذكرها بالحديث عما وقعت عليها أمور بني آدم قبل ذلك، فوجب بهذا: أن الحديث معناه معنى الخبر. وقوله عز ذكره: {قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم} وهي الأشياء التي كانت منهم.
وقوله عز وجل {هل أتاك حديث الجنود} أي ما كان من الجنود.
وقوله {ولا يكتمون الله حديثاً} أي ولا يكتمونه شيئاً.
وقوله عز وجل {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً} وقوله تعالى {هل أتاك حديث الغاشية} وقوله تعالى {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين}:
قال أبو جعفر: فكان المراد في هذه الأشياء المذكورة في هذه الآي التي تلونا أنه سمى في بعضها خبراً وسمى في بعضها حديثاً.
وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4ـ كما حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا محمد بن عبيد بن حساب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي الخليل الضبعي، عن مجاهد.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: " أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن " قال فجعل القوم يذكرون شجر البوادي، وألقي في نفسي ـ أو في روعي ـ أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها، فأرى أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هي النخلة "
قال أبو جعفر: فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الحديث:" أخبروني " في معنى قوله " حدثوني ".
5ـ وكما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: حدثني أسباط بن محمد، عن الشيباني، عن عامر عن فاطمة ابنة قيس قالت: بينما الناس بالمدينة آمنين ليس لهم فزع، إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم أقبل يمشي، حتى صعد المنبر، ففزع الناس، فلما رأى ذلك في وجوههم قال: " أيها الناس! إني لم أفزعكم، ولكن أتاني أمر فرحت به، فأحببت أن أخبركم بفرح نبيكم، إن تميماً الداري اخبرني أن قوماً من بني عم له، ركبوا في سفينة في البحر " ... ثم ذكر حدث الجساسة بطوله: قال: فقليت عبد الرحمن بن أبي بكر، فحدثته، فقال: أشهد ان عائشة حدثتني بهذا. قال: فلقيت محرر بن أبي هريرة فقال: أشهد علي أبي أنه حدثني بهذا.
قال أبو جعفر: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري ما ذكره له بالإخبار، لا بالحديث.
6ـ وكما حدثنا بكار بن قتيبة وإبراهيم بن مرزوق قالا: حدثنا أبو عاصم، عن الأوزاعي ن عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن يكذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار ".
قال أبو جعفر: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكون منهم من ذكر أمور بني إسرائيل بالحديث، لا بالأخبار.
7ـ وكما حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا شعيب بن الليث ن حدثنا الليث، عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال له أعرابي جاءه: إني حلمت أن رأسي قطع، فإني أتبعه، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام "
قال أبو جعفر: فذكر ذلك بالخبر، لا بالحديث.
8ـ وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، حدثنا حماد بن سلمة ن حدثنا ثابت وحميد، عن أنس، عن عبادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أراد أن يخبرهم بليلة القدر، فتلاحى رجلان، فاختلجت منه، فقال: " إني أدرت أن أخبركم بليلة القدر، فتلاحى رجلان، فاختلجت مني، ولعل ذلك خير لكم، اطلبوها في العشر الأواخر: في التاسعة والسابعة والخامسة ".
قال أبو جعفر: فذكر ذلك بالخبر، لا بالحديث.
¥