تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما كيف يمكن سحب هذا المعنى على ما نحن بصدده من مقولة: "في باسها أمن باسها"؛ فمن خلال عدة توجيهات، منها:

أ) أن يقال: إنّ في مقاربة البأس أمن؛ كما يقال في المثل الدارج ـ والواقع يشهد بتحققه: "قرِّب من الشرّ تأمن"

ب) أو أن يقال ـ وهو الأقرب ـ إن المعنى: أنّ الأمن من البأس مستخرج من رحم البأس؛ كما يقال: كم من محنة في طيها منحة

وثمة شواهد شعرية كثيرة على هذا المعنى خاصة لا تحضرني الآن، وإن كان بعضها على طرف اللسان، فالله المستعان!

وعلى كل حال؛ فهذا جانب فني من صنعة الشعر؛ وفيه نفس فلسفي يعالج فيه أذى الضد بالضد، وهو لا يخلو من حقيقة كونية. والله أعلم

3ـ قلت ـ وفقك الله ـ:

* في البيت الثالث، ولا تعذليني بالمسير، أرى - غير جازم - أن (في المسير) أنسب للعذل وأشيع.

أوافقك الرأي تماما؛ وحسبك من ذلك ما اقترن بالعذل والملامة في الشعر خاصة؛ كما قال البوصيري:

يا لائمي في هواه والهوى قدر= لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم

وتبعه شوقي:

يا لائمي في الهوى العذري معذرة= مني إليك ولو أنصفت لم تلم

ومن أمثلته قول أبي تمام:

وعاذلٍ عذلته في عذله = فظن أني جاهل من جهله

وفي الذكر الحكيم: " فذلكن الذي لمتنني فيه"، أي: بسببه.

والله أعلم

4ـ قلت ـ حفظك الله ـ:

* في البيت السادس (فكم قبسة مخبوءة في قباسها) كأني أراك تقصد فكرة القوة والفعل وكمون النار في الحجر والزند الواري، ولعلي مررت بنفس الفكرة في قصيدة أخرى لك، وإن كان التعبير بالقبسة بعيدا نوعا ما، أو ربما من باب علاقة السبب بالمسبب.

أجل، هي كذلك

والقبسة إنما كانت حيث كانت، متواريةً في حجرها؛ حتى آلت بعد وريها واقتباسها إلى ما آلت إليه من الاشتعال والتوقد وانتشار الضوء؛ فالملابسة هنا ظاهرة؛ سواء أكانت من جهة علاقة السبب بالمسبب، أم من جهة ما يؤول إليه الحال من بعد.

على أنّ المقام إنما هو مقام تكثير وتعظيم:"كم قبسةٍ"؛ فناسب معه الإشارة إلى عظم أثر ذلك المخبوء، وأنه إذا اقتدحه المقتدح لم يلبث أن يصير ذلك المخبوء المتواري إلى قبسة من ضياء، والقبسة إلى قبسات ... وهكذا

مع حفز الهمم إلى استخراج ذلك المخبوء ذي الخطر الكبير والشأن العظيم.

وفي القرآن الكريم، وفي معرض امتنانه سبحانه وتعالى على عباده بالنعم العظيمة، التي لا يدركون كنهها، قال تعالى ممتنا على عباده بنعمة وقود النار في الدنيا:

" أفرأيتم النار التي تورون. أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون"

ألا ترى الإشارة إلى الشجر الأخضر، الذي هو مادة الإيقاد والاقتداح، ثم إلى فعل الإيراء؛ حتى صارت بقدرة الله أمامهم ناراً يستوقدون منها وينتفعون، كما قال تعالى: "نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين".

ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 10:54 م]ـ

5ـ قلت ـ نفع الله بك ـ:

* في البيت السابع: (لعل زمانا أن تفيء ظلالها) لا أستسيغ كون زمانا اسما للعل، ولو كان ظرفا لتفيء فلا يجوز تقدمه على أن؛ لأن ما في حيز الصلة لا يتقدمها.

الأقرب كونها ظرفا، ولم يتحقق عند أخيك أبي يحيى ـ لقلة بضاعته في النحو خاصة ـ علة مقنعة لمنع تقدُّم ما في حيِّز صلة (أنْ) عليها، فضلا عن تحديد مدى هذا الحيز!

فأرجو الإفادة في هذا الموضوع، وتطبيقه على مثالنا هذا خاصة

وفقكم الله ونفع بكم

6ـ قلت ـ وفقك الله ـ:

* في البيت الثامن: (أنسناسها يردين من بعد ناسها) عندي إشكالان في (نسناسها يردين)، لم أنثتها وقد ورد تذكيرهم في حديث، قد يؤنث الفعل تأنيثه مع المفرد، لكن عود نون النسوة على النسناس في نفسي منه شيء، كذلك النسناس أردى من الناس أصالة، فكيف يردون من بعدهم؟

وجواب هذين الإشكالين بتصحيح المقالة الأخرى؛ على اعتبار أن الأولى متفرِّعة عنها، لازمة لها؛ فيقال ـ بتوفيق الله ـ:

إنّ أصل اشتقاق الفعل "يَرْدَيْن" ليس من الرداءة ـ كما يظهر ـ؛ إنما أصله من: "الرَّدْي" و"الرَّدَيَان"، ومعناه ـ كما تقول معاجم اللغة ـ ينصرف إلى حركة الفرس في العدو إذا رجم الأرض رجما، فيقال: يردَى رَدْياً ورَدَيانا،، كما رواه أبو عبيد عن الأصمعي

وقال أبو زيد: هو التقريب، قال: والجواري يَرْدَيْنَ إذا رفعتْ إحداهن رجلها ومشت على رجل تلعب، والغراب يَرْدَى والغربان يَرْدَيْنَ إذا حَجَلْن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير