فِيهِمْ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرّ فِي تَرْك تَسْمِيَتهمْ، وَلَمْ يُفْصِح بِمَا اِتَّفَقَ لَهُمْ بَعْد ذَلِكَ، وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْأَمْر فِيهِمْ وَقَعَ كَمَا قَالَ الْمَلَك. وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ كُفْرَان النِّعَم وَالتَّرْغِيب فِي شُكْرهَا وَالِاعْتِرَاف بِهَا وَحَمْد اللَّه عَلَيْهَا، وَفِيهِ فَضْل الصَّدَقَة وَالْحَثّ عَلَى الرِّفْق بِالضُّعَفَاءِ وَإِكْرَامهمْ وَتَبْلِيغهمْ مَآرِبهمْ، وَفِيهِ الزَّجْر عَنْ الْبُخْل، لِأَنَّهُ حَمَلَ صَاحِبه عَلَى الْكَذِب، وَعَلَى جَحْد نِعْمَة اللَّه تَعَالَى.
سبيل الدراسة السننية للحديث
من المعلوم بأن الحديث النبوي تطرق العلماء لدراسته من جانبين:
1 - جانب علم الرواية ويتناول علم الرجال الذين نقلوا الحديث، وهو أمر انتهى منه السلف الصالح ولم يبق منه إلا مراجعة قواعدهم وضوابط تطبيقها.
2 - جانب علم دراية الحديث ويتناول متن الحديث أي نصه ومضمونه، وهذا العلم من أغمض العلوم وأصعبها عند المحدثين.
وهو ما جاءت الدراسة السننية لتتبعه كشفا لأغواره وبيانا لثغراته، وتقعيدا ضوابطه كي لا يبق معرضا للأخذ والرد. وهنا تبدو جلية أهمية السنن الإلهية لدراسة الحديث.
وتعمد الدراسة السننية للحديث إلى نموذجين للدراسة:
1 - عرض الحديث على القواعد الكبرى للسنن الإلهية؛
2 - الدراسة المفصلة لكل سنة على حده.
ونقتصر في هذا العرض الأولي على دراسة الحديث وعرضه على القواعد الكلية للسنن الإلهية:
ما هي القواعد الكلية للسنن الإلهية؟ [/ color]
1- دراسة لدقة ألفاظ القصة لفظا لفظاً.
2 - الدراسة الإجمالية للحديث على ضوء القواعد الكلية: وتشمل:
أ -. القواعد الكلية:
ب- من حيث الضوابط الكلية؛
ج- من حيث خصائص السنن الإلهية:
أ -. القواعد الكلية: وتشتمل على الضوابط التالية:
اليسر
التخفيف
رفع الحرج
التدرج
النطهر
إتمام النعمة
إحقاق الحق
قطع دابر الكافرين
البيان التام
الهداية لسنن السابقين
التوبة
نصرة المستضعفين
العاقبة للمتقين
ب- من حيث الضوابط الكلية:
الربانية؛
الشمولية؛
الثبات؛
الاطراد؛
الأجل؛
مبدأ استمرارية الحياة؛
الواقعية.
ج- من حيث خصائص السنن الإلهية:
- مواصفات كلمات الله:
- الصدق
- العدل؛
- الثبات.
- علو كلمة الله.
مع السنن الإلهية في دراسة متن الحديث
رغم أن الحديث صحيح في عرف المحدثين فهل ينضبط بضوابط السنن الإلهية؟
أ- تأتي السنن الإلهية عنوانا للقصة:
- قوله عز وجل: { ... وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِين} المؤمنون: 30.
أو: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ... } محمد 38.
ب- تفاصيل القصة:
1 - ما تنطوي عليه دلالة الألفاظ:
في القصة جزء محذوف تقديره: أنه كان في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع " شاكرين الله "، إذ سنن الله تقتضي أن لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولما كانوا شاكرين ابتلاهم الله بالخير فتنة لهم ودليل ذلك قوله عز من قائل: { ... أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ... }. الأنعام: 53.؟
فرد عليهم سبحانه وتعالى:
{ ... أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِين} الأنعام: 53 ..
وتبدأ القصة بلفظ " بدا لله " والبداء لا يجوز في حقه تعالى بل كل شيء عنده بقدر ويرد القول بالبداء قوله تعالى:
{فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96
ولا يمكن الكلام بالبداء في حق المولى جل وعلا؛ إذ البداء يبدو لجاهل والله بكل شيء عليم. وقد يمس المطهرون اللوح المحفوظ، فما بالك بخالق اللوح والقلم؟
ويرحم الله المحدثين الذين قعدوا بأنه عند اختلاف ألفاظ البخاري ومسلم، فإن ألفاظ مسلم أدق لكونه كان يكتب عند السماع بينما كان البخاري يعتمد الحفظ ثم يكتب.3
وفي رواية مسلم4: " إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم ... ".
¥