تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المقولات التي أقرها القرآن العظيم]

ـ[أبو خالد، وليد العُمري]ــــــــ[01 Jul 2003, 12:55 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المقولات التي ذكرها الله تعالى عن أحد خلقه، وأقرها*

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ولى آله، وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن القرآن العظيم لا تفنى عجائبه، ولا تُحَدّ دلائله؛ والمتأمل في كتابات العلماء الذين كتبوا في علوم القرآن العظيم يجد أن باب المقولات لم يُعن به العناية اللائقة؛ فهو من علوم القرآن الكريم المهضومة.

وقد تضمنت المقولات التي ذُكرت في القرآن العظيم على جهة الإقرار لها، والسكوت عنها أحكامًا جمة، وفوائد عدة.

منها: كثرة الأحكام العلمية، والعملية المترتبة على المقولات المُقَرَّة، والمسكوت عنها، والتي تُعد مسلكًا صحيحًا للاحتجاج.

ومنها: التنبيه على بعض المقولات المسكوت عنها، والتي ورد شرعنا بخلافها، وأنها خارجة عن الأصل في باب المقولات المسكوت عنها، وحملها على المنسوخ من الشرائع السابقة، أو توجيهها بما لا يخالف شرعنا.

وما زال العلماء، والفقهاء يستنبطون أحكامًا من مقولة، أو حكاية مسكوت عنها؛ لأن القرآن حق؛ والحق لا يقر الباطل، ولا يرضى به.

فكل قضية ذُكرت في القرآن، ولم يُنبه اللهُ تعالى على بطلانها؛ فهي حق، وكل فعل، أو أمر، أو نهي صدر عن أحدٍ في القرآن؛ فهو حق إلا إذا نُبِّه على بطلانه.

وهذا يظهر من أمرين (1):

أولهما: الاستقراء؛ فالمتتبع لآيات القرآن العظيم يجد أنه إذا حكى أمراً لا يرضاه، أو ذكر شيئًا يوهم غير المراد؛ فإنه يُشير إلى بطلانه، أو يأتي بما يدفع الوهم، وينفي الاحتمال؛ كقوله: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه. قل فلم يُعَذِّبُكم بذنوبكم}، فأبطل مقولتهم رأسًا، وقال: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون:1). فدفع ما قد يُتوهم من إتيانهم بشهادة الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- فوصفهم بالكذب فيها، وأنها لو كانت صادقة؛ لما ذُمّوا.

ثانيهما: أن الله أنزل كتابه هدًى للناس، وبينات من الهدى، والفرقان، وسماه قرقانًا، وهدًى، وبرهانًا، وبيانًا، وتبيانًا لكل شيء؛ فلا يناسبه أن يذكر عن أحد من الناس ما هو باطل، ثم يسكت عن التنبيه على بطلانه، فإن ذلك يُفهم منه رضاه به.

والمقولات التي أقرها القرآن العظيم لا تخلو من حالين:

إما أن تكون صادرة عن نبي من أنبياء الله تعالى.

أو عن غير الأنبياء، سواء كانوا بشرًا - مؤمنين أم لا - أم من غير البشر؛ كالنمل، والهدهد ...

والمقولات من النوع الأول الأصل فيها أنها وحي من الله تعالى، وقد لا تكون وحيًا، وإنما اجتهاد من النبي قد يصيب فيه، وقد لا يصيب.

وذلك نحو: قضاء سليمان عليه السلام في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم، قال تعالى: {ففهمناها سليمان}.

قضاء داوود عليه السلام في نفس القضية.

وهي وإن كانت اجتهادًا فهي أقوى في الدلالة؛ باعتبارها مقولة صاحب شريعة؛ إلا أنه في كلا النوعين يُعد إقرارُ القرآن، وسكُوتُه عن المقولة المذكورة حُجَّةٌ يُحْتَجُ بها ما لم يعارضها دليل أصرح منها.

فمتى ما عارض المقولة دليل أصرح منها؛ حُملت على النسخ.

ولذلك أمثلة كثيرة:

المقولات التي قالها الأنبياء في تبليغ رسالة الله تعالى؛ كقوله تعالى: {اعبدوا الله ما لكم من آله غيره}، ومقولاتهم في محاجة، ومجادلة المبطلين؛ كموقف إبراهيم عليه السلام مع النمرود، ومع قومه، ومع أبيه، وموقف موسى عليه السلام مع فرعون، وملائه، والسحرة، وبني إسرائيل ..

مقولة عن نبيٍّ أقرها القرآن، وليس لها معارض (مقولة محكمة): قوله تعالى عن يوسف عليه السلام-: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف/55].

ففيها دلالة على تولي العمل لدى الكفار.

وعلى جواز طلب الرئاسة.

وعلى جواز إدلاء الطالب بما عنده من الصفات، والخصائص، والخبرات ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير