تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من ينصف التفسير من الإعجاز العلمي؟]

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 May 2005, 02:44 ص]ـ

هذا شجنٌ من شجون, اعتمل في نفسي بعد أن شاهدت كامل حلقة "ساعة حوار" في ليلة الأحد 7/ 4/1426هـ, وكانت مع الأستاذ الدكتور: زغلول النجار وفقه الله وسدده, بعنوان: شبهات حول الأعجاز العلمي في القرآن الكريم, وبعد استماعي لحديث الدكتور زغلول في النصف ساعة الأولى أطلَّ الدكتور: مساعد الطيار حفظه الله بأول مشاركة هاتفية حول الموضوع, واستمرت قرابة ربع ساعة في اثني عشر نقطة واضحة, وأقف هنا لأنتقل إلى بضع وقفات حول هذا الموضوع:

الوقفة الأولى:

كرر الدكتور النجار عبارة: (لا يمكن فهم الآيات الكونية في القرآن الكريم باللغة وحدها) أكثر من خمس مرات, وقال أخرى: (اللغة وحدها ليست كافية لفهم النص القرآني في الآيات الكونية) , وهنا أتسائل:

- هل الآيات الكونية في القرآن من كلام الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين؟ الجواب: نعم - ولا شك-.

- فإن كانت كذلك فهل نستطيع فهم ما عدا الآيات الكونية في القرآن الكريم بلغة العرب؟ الجواب: نعم - ولا شك-.

:: فإذا كانت الآيات الكونية نزلت بلسان عربي مبين,

وما عداها من القرآن نزل بلسان عربي مبين,

والذين نزل عليهم القرآن هم أهل هذا اللسان العربي المبين,

فكيف ينفي الدكتور فهم من نزل عليهم القرآن, وبلسانهم خاطبهم الله, لهذه الآيات القرآنية الكونية؟

هذا التفريق بين الآيات الكونية في القرآن وبين غيرها تحكمٌ لا يخفى اختلاله, ويُطَرِّقُ لأهل الرأي - ولأمرٍ ما سمَّاهُم السلف: أهل الأهواء- تناول هذه الآيات بعيداً عن منهاج التفسير القويم من لدن الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم من أهل التفسير.

الوقفة الثانية:

أخشى أن يكون أحد دوافع هذا الإطلاق السابق: أن تفاسير السلف لهذه الآيات القرآنية الكونية بحسب لغتهم وفهمهم, لا تتناسب مع الحقائق العلمية التي يُرَاد تنزيل الآيات القرآنية عليها, فبقي القائل لهذا الأمر بين أمرين عسيرين:

- إما أن يتناول هذه الحقيقة العلمية بعيداً عن القرآن الكريم, وهذا ما لا يريده أبداً, لأنه سماه (الإعجاز العلمي في القرآن) , ولديه خطوات مهمة بعد إثبات هذه الحقيقة في القرآن.

- وإما أن يعيد فهم هذه الآيات القرآنية الكونية بما يتوافق مع الحقيقة التي تنتظر عنده استخراجها من القرآن, ولن يكون ذلك عندما يبقى مُحاصَراً - في نظره - بين فهم السلف وأقوالهم التي لا تخرج عن لسان العرب الذي نزل به القرآن, فيتعين عليه إعلان هذه القاعدة الممهدة للإعجاز المزعوم.

ثم لا أدري لماذا يُصِر الدكتور حفظه الله على جعل الإعجاز العلمي شيئاً آخر غير التفسير؟

لعل لعلم التفسير شروطاً وضوابط تعيق سَيْلَ الحقائق العلمية التي لا بد من استخراجها من القرآن الكريم, فليكن الإعجاز العلمي شيئاً آخرَ غير التفسير, ينطلق من قاعدة أن القرآن كتاب هداية وإعجاز, ولا يعول على اللغة كثيراً, ولا إشكال عنده في العبث بالسياق أو الإعراض عنه بالكلية, وغير ذلك مما سافر فيه الإعجاز العلمي عن مناهج التفسير مسافة أعوام.

الوقفة الثالثة:

قد لا ندرك خطورة تجاوز الأصول المنهجية الشرعية عند تفسيرنا للآيات القرآنية, فنسارع في فَرَحٍ بتنزيل الآيات القرآنية بصورة أو بأخرى على الحقائق العلمية لتحقيق مصالح شرعية لا يعجزنا عدها, ولكن ما النتيجة؟

لو قلت لكم:

(يوجد في القرآن الكريم- أي من الآيات الكونية- ما لم يُفَسر تفسيراً صحيحاً إلى الآن) , و قلت: (حتى نفهم هذه الآيات فهماً صحيحاً لا بد من مراجعة الحقائق العلمية الحديثة) , لاستعظمتم قولي ونسبتموه إلى الجهل بعلم التفسير وقلة الفقه فيه, وحق لكم ذلك, غيرَ أني لا أجرؤ على التفوه بذلك لمَا فيه من تجهيل الصحابة, ومن بعدهم من علماء الأمة ومفسريها.

وللأسف فإن العبارة الأولى نص كلام الدكتور النجار, والثانية معناه الذي يشبه النص.

فإن سألتم عن الأصل الشرعي المنهجي الذي تجاوزه الدكتور هنا, فالجواب هو: ما أجمع عليه العلماء والأئمة من أنه:

لا يجوز إحداثُ قول ثالث في تفسير آية اختلف السلف فيها على قولين. لما في ذلك من نسبة الجهل العام إليهم, وزعم خروج الحق عنهم, وأن الأمة عملت في تلك القرون بخلاف الصواب, وغير ذلك من المحاذير الظاهرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير