لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 Dec 2009, 08:32 م]ـ
قال الله تبارك وتعالى:
(لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) سورة يس
قال الطبري رحمه الله تعالى:
وقوله (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يقول تعالى ذكره: لقد وجب العقاب على أكثرهم، لأن الله قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون رسوله.
وقال بن كثير رحمه الله تعالى:
قوله: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ}: قال ابن جرير: لقد وجب العذاب على أكثرهم بأن [الله قد] (3) حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون، {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} بالله، ولا يصدقون رسله.
وقال بن الجوزي رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: {على أكثرهم} يعني أهل مكة، وهذه إِشارة إِلى إِرادة الله تعالى السابقة لكفرهم {فهم لا يؤمنون} لِمَا سبق من القَدَر بذلك.
وقال الشنقيطي رحمه الله تعالى:
وقوله تعالة في هذه الآية الكريمة: {لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ} يدلّ على أن أكثر الناس من أهل جهنم، كما دلّت على ذلك آيات كثيرة كقوله تعالى: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود: 17] و [الرعد: 1] و [غافر: 59]، {وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأولين} [الصافات: 71]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ}.
وقال بن عاشور رحمه الله تعالى:
هذا تفصيل لحال القوم الذين أُرسل محمد صلى الله عليه وسلم لينذرهم، فهم قسمان: قسم لم تنفع فيهم النذارة، وقسم اتبعوا الذكر وخافوا الله فانتفعوا بالنذارة. وبيَّن أن أكثر القوم حقت عليهم كلمة العذاب، أي عَلِم الله أنهم لا يؤمنون بما جَبَل عليه عقولهم من النفور عن الخير، فحقق في علمه وكَتب أنهم لا يؤمنون، فالفاء لتفريع انتفاء إيمان أكثرهم على القول الذي حق على أكثرهم.
هذه بعض أقوال المفسرين في الآية
وقد كان عندي إشكال في الضمير في قوله " أكثرهم " في قوله تبارك تعالى:
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) سورة يس (7)
وكنت أظن أن الضمير يعود على قريش خاصة وهذا ولد عندي إشكالاً حيث إنه قد تقرر عندي أن أكثر قريش قد آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وكنت أتمنى أن أجد في كتب التفسير ما يرفع هذا الإشكال ولكني لم أجد ما يرفعه وإن كنت لم استقص البحث في المسألة.
ثم ظهر لي وأنا أكتب هذا الموضوع ما يمكن أن يكون رافعا للإشكال وهو أن المراد بالقوم في قوله تعالى:
(لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)
هو كل البشرية بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك قول الله تعالى:
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) سورة الأنعام (19)
فهل يتكرم السادة الأفاضل المشاركة بما يفتح الله عليهم حيال هذا الموضوع؟
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[15 Dec 2009, 06:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
قال ابن كثير:
"وقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} يعني بهم: العرب؛ فإنه ما أتاهم من نذير من قبله. وذكرهم وحدهم لا ينفي مَنْ عداهم [كما زعمه بعض النصارى]، كما أن ذكر بعض الأفراد لا ينفي العموم. وقد تقدم ذكر الآيات والأحاديث المتواترة في عموم بعثته، صلوات الله وسلامه عليه، عند قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158].
قوله: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ}: قال ابن جرير: لقد وجب العذاب على أكثرهم بأن [الله قد] حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون، {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} بالله، ولا يصدقون رسله."أهـ
فيظهر من تحقيق ابن كثير من خلال النص العلمي المنقول آنفا أن المقصود العرب، وهذا كما قال لا ينفي أن رسولنا الكريم بعث للناس كافة، فالحديث هنا عن العرب أجداد قريش، وقصصهم مبثوثة بين طيات المصحف الكريم، وبعد هذه الآيات الكريمة من سورة يس سيذكر لنا رب العزة قصة من ذلك.
هذا والله أعلم وأحكم.
¥